أنثى من هذا الزمن


عزيزي آدم...
صاحب الطيف الأجمل...
الغائب/ الحاضر...
الذي هو في غيابه، أكثر حضوراً في روحي من الجميع.

اليوم سأخبركَ عن نفسي، لعلنا إذا التقينا يوماً أن تعرف مَن أنا.
والعياذ بالله من كلمة "أنا".
ولدتُ ثائرة، اختبرني الزمن بجميع أنواع الحرائق، لكنني لم أُهزَم يوماً أو أستسلم وما زالت معاركنا مستمرة.
ثروتي في هذه الدنيا بضعة كتب تستقر في عقلي، ونبع حكايات
في خيالي لا ينضب.
أحزن لكنني لا ايأس...أكتئب لكنني لا أنتحر... أتعثر في الحياة
لكنني لا أقع، فأنا مثل الشجر سأموت واقفة، كي لا أمنح الزمن شرف الشماتة بي بعد طول عراكي معه. نجوتُ من الحرب... نجوتُ مشوهة الوجدان والروح، ككل أبناء جيلنا الذي عاصر تلك الحرب البائسة. انتهت (لتأخذ شكلاً آخر طبعاً) وقد بدأتُ دراستي الجامعية. دخلتُ إلى الجامعة، وأنا اعتقد أنني سأنهي دراستي وأنال شهادة تخولني دخول مجال العمل في اختصاصٍ أحببته واخترته. لكنني!... وكما قال الكبير "دريد لحام" في احد أعماله، "ارتطمتُ بالواقع" وكان الارتطام مدوياً.
فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة "امرأة مثقفة" كما يحلو لأصدقائي أن يصفوني. والبطالة تاج إنسانيتي! 
وكي لا أطيل الشرح يكفي أن أقول لك أن سبب بطالتي المزمنة
أنني وعائلتي لسنا "تابع" لأي زعيم. وأنتَ كلبناني ستفهم بقية الحكاية كلها.

قبيلة نساءٍ أنا...
مَن عرفني. اعتقد انه عرفني... لكنه لم يعرف إلا واحدة من نساء القبيلة- التي سمحتُ لها بالظهور. أما بقية القبيلة، فما
زالت بانتظار رجلٍ له مع رجاحة العقل ورهافة الاحساس باعٌ
طويل، ليستطيع أن يحتوي بقلبه... نساء القبيلة. لعله أنت!... أو لعلكَ لستَ هو!... مَن يدري!.
كم أتمنى لو أنني أعرف، كيف مرَّت سنواتك؟... ما هو تخصصك؟... هل دخلتَ الجامعة؟... هل تعمل؟... وما هو عملك؟... هل تحب الكتب مثلي؟... هل تهوى القراءة كما أهواها أنا؟... هل لديكَ شغفٌ ما تمارسه في أوقاتكَ الخاصة، كما أمارس أنا شغف الكتابة؟...
ألف سؤالٍ وسؤال...


لكن!..
عزيزي آدم...
صاحب الطيف الأجمل...
آدم (ي)... انتظرك...
وإلى أن نلتقي...
أطلق سراح طيفك، لعلي ألقاه على قارعة صدفة، فأخبره سرَّ الوصول إليَّ.



Image rights are reserved to the owner

سؤال


عزيزي آدم...
صاحب الطيف الأجمل...
الغائب/ الحاضر... الذي هو في غيابه،
أكثر حضوراً في روحي من الجميع.

لعلك يا عزيزي قد نلتَ بعضاً من حقوقكَ في هذا البلد. الحقوق التي يخالها الكثير من شبابنا المقهور... أحلاماً.
اسمع هذه الحكاية لتفهم ما أعني.
يحكى أن شاباً عربياً ربطته صداقة بشابٍ غربي، فسأله هذا الأخير "ما هي أحلامكَ يا صديقي؟"... فأجاب الشاب العربي "حلمي عملٌ يناسبني ومنزلٌ لأتزوج ويكون لي عائلة"... فصرخ الشاب الغربي مستهجناً "لكن!... هذه حقوقك وأنا أسألكَ عن أحلامك!!!"

إذن يا عزيزي آدم... هل نلتَ بعضاً من حقوقكَ في هذا الوطن
المتهالك؟.
لعلكَ الآن تعمل فيما يحقق لكَ طموحاتك. ولعلك متزوجٌ ولكَ
عائلة متحابة. أم أنكَ مهاجرٌ ككثير من أبناء هذا الوطن؟... غارقٌ في الغربة، يوجعكَ الحنين لوطنٍ نبذكَ ولم يعطكَ حقكَ في الحياة والعيش؟ إن كنتَ مهاجراً، فهذا يُفسر الكثير. لعل محاسن الصُدف لم تجمعنا يوماً لأنكَ مغترب!

هو سؤالٌ بحجم الحيرة التي أحملها في قلبي.
فكما أخبرتكَ سابقاً انني أبحث عن وجهك بين الوجوه، لكن!...
لم أصادف يوماً وجهاً يحمل ملامحك.
أجالس طيفكَ الجميل... أخبره عن لؤم هذا الزمن، الذي حولني
من الفتاة المغناج التي عرفتها، إلى إمرأة منهكة تحت أحمال الأحزان.
أرسم ابتسامة رضا على ملامح متعبة... كملامح كل إنسانٍ في هذا الوطن المنكوب، بأمراء طوائف متعفني الأرواح والضمائر، احتلوا كراسي الزعامات، وتكلموا باسم المواطنين المكمومة أفواههم، منذ آخر طلقة مدفعٍ أطلقوها، ليضعوا حداً لمهزلة إسمها... الحرب الأهلية!... وأهل لبنان منها براء.
يا عزيزي آدم...
لقد حولني زمن المواجع هذا... بعد أن اغتال شبابي، إلى أنثى
مثقلة بحقوقٍ مسلوبة، وبأحلامٍ لم تتحقق. وأخرى مستحيلة... أوجعها، لقائي بك.


عزيزي آدم...
صاحب الطيف الأجمل...
آدم (ي)... انتظرك...
وإلى أن نلتقي...
أطلق سراح طيفك، لعلي ألقاه على قارعة صدفة، فأخبره سرَّ
الوصول إليَّ.



Image rights are reserved to the owner