حدثٌ جميلٌ... أن أهجُرك

 
أخاف عليك مني...
أخاف عليَّ منك.
ستملكني... سأملكك
سأخنقك بغيرتي...
ستحاصرني بغيرتك.


سنتشاجر... ستهملني...
سيحزنني غيابك...
سأغرق في أمومتي...
سأهملك...



سأبحث عن الإلهام فلا أجده
ستبحث عن إلهامك خارج مداري...
لن تكون ملهمي...
لن أكون جنون إلهامك...
سينطفئ وهج العشق...
ستلومني على الملل...
سأعاتبكَ على الضجر.


سأهرب منك...
ستلاحقني... ستسكنني... 
سأكتبك...
وأعيش متعة الاشتعال
في حضرة الأدب.

 

 

 

Image rights are reserved to the owner 

 

 

حدث في رأس السنة


"أنتَ لستَ أبي!..."
تلقتْ سوسو صفعةً من والدتها. بينما الرجل بجانبها يصرخ "لاااااااااا".
ذُهِلت من الصفعة... ترنحت ووقعت على الكنبة وهي تنتحب وتقول: تضربينني وأنا في هذه السن!؟
أجابت الوالدة: أجل أضربك... وسوف أحطم رأسك إذا سولت لكِ نفسكِ ثانيةً أن تتعاملي بهذه النذالة مع أبوك!
أرادت سوسو أن تتكلم، فأخرستها والدتها بنظرة غضب وأجابت: إن مَن أفنى شبابه من أجل تربيتك وتعليمكِ هو تاج رأسك، ولو لم ينجبكِ من صلبه.
أراد زوج والدة سوسو أن يتكلم، فقاطعته الوالدة وقالت: لا تدافع عنها... إنها تستحق كسر رقبتها... استرح أنتَ لو سمحت واشرب الشاي إلى أن أعود إليك.
أشارت لابنتها وتابعت: تفضلي أمامي إلى غرفتك.
سارت أمام والدتها وهي تمسح دموعها، غير مصدقةٍ أنها تلقت صفعة من والدتها هي طالبة الجامعة!

دفعتها والدتها وألقتها على السرير، ثم جرجرت مقعداً وجلست عليه في مواجهة ابنتها العاقة... نظرتْ إليها بتمعن وشرارات الغضب تتطاير من عينيها. وأخيراً أخذت نفساً عميقاً ثم بدأت بالكلام:عندما توفي والدك، العامل البسيط، لم يكن في جيبي ليرة واحدة كي أدفنه وأقيم له عزاء لائق، ونحن كما تعلمين لا عائلة لنا ولا أهل... فهو يتيم الأبوين منذ الصغر، وأنا تربيتُ في دار الأيتام، حيث لم يُعرف لي أهل.
فقام هذا الرجل- الذي ليس والدك- بجمع مبلغ من المال من رفاقه ورفاق والدك، لندفن الأخير بشكل لائق. وتزوجني... لا لأكون مربيةً لابنه كما كنتِ تزعمين، بل ليربي ابنة صديقه ورفيق دربه.
هذا الرجل طلع من صلبه شابٌ متفوق حصل على منحة جامعية، وها هو في الغربة يعمل ليعيل نفسه ويكمل دراسته. في كنف هذا الرجل عشتِ أميرة، وما زلتِ يا طالبة الجامعة، لماذا!؟... لأنه يعتبركِ ابنته تماماً كابنه عامر... وها أنتِ... تقفين في وجهه وتزعقين! فمَن أنتِ!؟... وماذا تقدمين لهذا البيت؟
انهمرت دموع سوسو وهي تقول: آسفة... آسفة... والله لم أقصد...
تابعت والدتها: غضبتِ لأنه يمنعكِ من المشاركة في سهرة رأس السنة مع صديقاتك!... هذه أخلاقك، سهر ورقص حتى الفجر، لا أعرف أين ومع مَن!
سكتت برهة ثم قالت: حسناً... سوف أقنع أبوكِ بأن يدعكِ تذهبين مع رفيقاتك... لكن بشرط... سوف تجدين لكِ عملاً ليساعدكِ في مصاريف الجامعة، فأنتِ لستِ أفضل من عامر بشيء.

ذهبتْ سوسو إلى سهرة رأس السنة، التي تقيمها صديقتها صولا في أحد المرابع الليلة... اجتمعت صديقات الجامعة، واستمر الهرج والمرج إلى أن...

استفاقت سوسو فوجدت نفسها في سريرٍ واسع، عارية من ملابسها!
قفزت من السرير مفزوعة، وأرادت أن تفتح الباب لتخرج. الباب مقفل!
صرخت... وصرخت... فُتِح الباب ودخلت امرأة عجوزٌ متصابية، أعطتها ملابس... وجرتها إلى الصالون. هناك وجدت صديقاتها!... كلهنَّ باكيات! لكن!... أين صولا؟

ملخص الحكاية أن صولا قد انتهى دورها، فهي جاءت بهنَّ إلى الحفل، حيث شربنَّ ما يكفي من الخمور والحشيش كي يفقدنَّ وعيهنَّ.
على شاشة عملاقة، بدأ عرض صور أمامهنَّ، كلهنَّ في أوضاع مخجلة!
صرخت الفتيات وولولنَّ... لكن!...

وصلتْ سوسو إلى المنزل وكأنها تعود من القبر، لا لون في وجهها ولا حياة. تصرخ وتبكي، كأن الشيطان يسكنها. عندما رأتْ أبا عامر ركعت تحت قدميه.
ذهل أبا عامر... ولطمتْ والدة سوسو!

خلال ثمانٍ وأربعين ساعة كان عامر قد وصل إلى المنزل، ليقف على تفاصيل القضية، وملخصها تهديد للفتيات، إما العمل مع القوَّادة المتصابية، أو فضيحة مدوية لفتيات الجامعة!

توجه عامر إلى النيابة العامة مصطحباً سوسو، التي حاولت الرفض خوفاً من الفضيحة، لكنه كان حاسماً في هذا الأمر! لن تبقى هذه العجوز ومَن معها، طلقاء في الدنيا لارتكاب المزيد من المآثم.

ألقي القبض على العجوز وصولا، وفوراً بدأت التدخلات والوساطات مِن أجلهما.
كل ذلكَ لم يعنِ لعامر أي شيء، المهم أنه فضح أعمالها وأنقذ سوسو منها.

مساءً عقد اجتماع للعائلة، ليطلعهم على قراره: سوف أعقد قراني على سوسو، وستسافر معي، لنكمل معاً دراستنا الجامعية.
اعترضت والدتها قائلة: لا... لن أسمح لك، فأنتَ لا ذنب لكَ لتغطي على أفعالها الشنيعة... وهل ينقصك مسؤوليات لتعيلها أيضاً!
ابتسم وقال: اهدئي أمي... لستُ مغصوباً على شيء، وأنا متأكد من صوابية قراري. أعرف أن سوسو "هبلة" وعقلها خفيف لكنها أصيلة ومحترمة، يكفي أنها ابنتك.
نظرت إليها والدتها وقالت: الله يغضب عليكِ.
شهقت سوسو بدموعها، فقام عامر من مكانه وقبَّل رأس أمه ويد أبيه وقال: بل نريد مباركتكما كي نكون سعداء في غربتنا.
نظر إلى سوسو وقال مبتسماً: أليس كذلك؟
أمسكت يده وحاولت تقبيلها، سحب يده وقبَّل رأسها وهو يقول: هيا... قبِّلي ماما وبابا واطلبي منهما السماح.



 

Images rights are reserved to their owners