كوفيد التاسع عشر


يا له مِن حادثٍ فظيع!...
"هل مات كل مَن في السيارة!؟"...
هكذا تساءل كل مَن رأى الحادث. لكن الإجابة... لا. لم يمت أحد، بل ان المرأة التي كانت تقود السيارة حامل، ولم يُصب الجنين بأذى!
نُقلت حياة إلى المستشفى بعد أن دخلت سيارتها في عامود كهرباء، وانقسمت نصفين!
في المستشفى كانت بحاجة لعملية قيصرية عاجلة.
استفاقت من التخدير وقالت "طفلي؟". فأجابت الطبيبة بابتسامة رقيقة "انه سليم".
وهكذا ولد سليم... إنسانٌ متهور كوالدته. كبر وهو يتحرش
بالموت.
إلى أن... واجه السيد كوفيد التاسع عشر. قابله بعد أن سخر من وجوده طويلاً، واعتبره مهزلة ونكتة لا جدوى مِن إضاعة الوقت بأخبارها. وكوفيد التاسع عشر، يراقب سليم من الزاوية وهو حانق، فكيف يجرؤ هذا الولد العاق على إنكار وجوده!؟ هو الذي تفوق على أخوته السارس والإيبولا وجميع عائلة التاجيات!

... وعندما طفح الكيل قرر أن يلقن سليم درساً قاسياً. ترك الزاوية ووقف قبالته، اكتشف سليم أن كائناً أشبه بالكرة يقف أمامه، فضجَّ بالضحك لمظهره... وقال: هل أنتَ هامبتي دامبتي؟*
فأجاب كوفيد بحنق: بل أنا كوفيد التاسع عشر.
خرخر سليم مِن شدة الضحك وأجاب: أضحكتني... الله يغربل إبليسكَ.
اتخذ كوفيد وضعية القتال وقال: هيا... نازلني.
فضحكَ سليم مجدداً وشخر وهرهر وأجاب: يا لكَ مِن مغرور... ألا تخاف أن أركلكَ فأرسلكَ إلى الشمس؟
فأجاب كوفيد: هيا... لا تكن جباناً... ألا تعتبر نفسكَ بطلاً؟...
فما يضركَ إن واجهتني.
فأجاب سليم بثقة: مع أنني مشغول ولا وقتَ لدي للعب... لكن
حسناً... نازلني.
لمسه سليم، فأمسك كوفيد التاسع عشر بخناقه، ووضع قدميه على رئتيه، ضاق نفس سليم، وقاوم وقاتل بيديه وقدميه... سالت دموعه من الإختناق... ارتفعت حرارته، وحاول بشتى الطرق أن يخلص نفسه من بين يدي هذه الكرة الشرسة. لكن!... لا فائدة.
شعرت حياة بمعاناة ولدها، وحاولت أن تساعده. لكن كوفيد ركلها بعيداً. فصرخت "من أنت وماذا تريد من ولدي؟"
فأجاب الكائن الفظيع: أنا كوفيد التاسع عشر... وولدكِ تحرش بي مراراًة وسخر مني، فلم أعد قادراً على السكوت.
حاول سليم أن يتكلم فخرجت من صدره حشرجة. بكت حياة ورجت "السيد كوفيد اللطيف" أن يتركَ ابنها.
نظر كوفيد إلى سليم وهو يصارع الرمق الأخير وقال: هل علمتَ من أنا؟... وما مدى قوتي؟
هز سليم برأسه... فأكمل كوفيد: هل ستوقف سخريتكَ مني؟
وافق سليم بإشارة من يده.
أرخى كوفيد قبضته عن سليم، وسمح له بالتنفس.


التقط سليم أنفاسه، وبدأ لونه الأزرق يعود إلى طبيعته البشرية.
فقال سليم يستعطف كوفيد التاسع عشر: والله لن أسخر منكَ مجدداً... بل لن أتحرش بكَ بعد الآن... وسأحذر رفاقي منك.
نفض كوفيد التاسع عشر يديه كمن انهى مهمة، وابتعد وهو يقول: حسناً... سأذهب الآن لمنازلة كل مَن هو على شاكلتك.



*هامبتي دامبتي: شخصية خيالية في الآداب العالمية، له شكل بيضة ويمشي على حائط لامتناهي.
هو رمز للشخص السمين الذي له شكل كرة.



 Image rights are reserved to the owner