في أزمنة الحرب



نبوءات العرافات... أنا

 وأنيـــــــن الخـــــائبين

 
فـــــــــــي دفتــــــري
 
 قمـــــــــرٌ ذبيــــــــحٌ
 
 وشمـــــسٌ غــــاربة
 
ومئـة نجمة منطفئـة...
 
 وبـردٌ وألـــف حزن.


 









Image rights are reserved to the owner






الانتقام


الليلة حفل خطوبتي إلى حبيبي أحمد، الكل مشغول بالتحضيرات منذ حوالي الشهر. وقد حلت زوجات أخوتي مكان شقيقاتي. فأنا البنت الصغرى والوحيدة بين أربعة أخوة رجال. أكثر زوجات أخوتي قرباً مني... منى زوجة أخي الأصغر جهاد، وذلك عائد كوننا متقاربتين في السن.

 لاحظتُ خلال الحفل، تجهم وجه منى، لقد بدت وكأنها على وشك البكاء.
بادرتها قلقة عندما اقتربت مني: ما الذي جرى معكِ؟ لما هذا الوجه المتجهم؟ هل مات أحد؟ أجهشت بالبكاء وقالت وهي تكاد تَشْرَق بدمعها: لم يمت أحد سواي.
فقلتُ وأنا أهزها بعنف: أخبريني ماذا جرى لكِ؟
قالت وأنا أحاول أن أمسح دموعها بالمنديل: لقد اكتشفتُ أن شقيقكِ جهاد... زوجي أنا قد تزوج عليَّ.
فصرخت: ماذا تقولين؟
الحمد لله أن الموسيقى قد طغت على صوتي فلم يسمعني أحد.
أتت والدتي نحونا... أمسكت بذراع منى وقالت: تعالي معي وامسحي دموعكِ ودعي الليلة تمرَّ على خير.
حاولتْ منى أن تتكلم فقالت أمي: اصمتي منى... ولا تتسببي بفضيحة ليلة خطوبة ابنتي الوحيدة.

كانت حفلة صاخبة، جوَّها مشحون جداً، وقد لاحظ الكثير من الأشخاص ما يجري. سألني أحمد عدة مرات ما الذي يجري... ولما منى تتصرف بهذه الطريقة مع جهاد؟
كان واضحاً أن هذا الأخير يحاول جاهداً أن يراقص زوجته منى وأن يحوطها بعنايته، لكنها كانت تتهرب منه بطريقة ملفتة للنظر. مما نشر في الحفل جو مشحون مكهرب، فسكنني إحساس بأننا نقيم الحفل على فوهة بركان سرعان ما سينفجر.

لبستُ خاتم الخطوبة... لكن فرحتي لم تكد أن تبدأ حتى علا الصراخ وسط الحفل... منى كانت تنزل جام غضبها على جهاد، والأخير مذهول مما يجري.
انتهى الحفل بشجار! ذهل الجميع... كنتُ على وشك أن يغمى عليَّ، حملني أحمد وشقيقه إلى السيارة وذهبا بي إلى المنزل.
لم أتكلم طوال الليل، وأحمد يجلس واجماً في الزاوية لا يجرؤ على محادثتي بعد أن بكيت وصرختُ بصوت عالٍ حين حاول أن يهدئني.
كانت ليلة طويلة جداً... سوداء جداً... مظلمة جداً... عشتها كما لو أنها ألف عام في الجحيم.

وصلت والدتي وأشقائي الأربعة وزوجاتهم عند الفجر. كانت منى معهم، تتأبط ذراع جهاد مبتسمة.
نظرتُ إليهم باستغراب... وسمعتُ صوتي وكأنه يأتي من مكان آخر: هل جننتم جميعاً؟... أم أنني أنا التي جُنَّت؟
أمسكتني أمي من ذراعي وأجلستني بجانبها وقالت لي وهي تربت على رأسي: لا حبيبتي... لم يجنّ أحد... لكنه كان سوء تفاهم بين منى وجهاد.
نظرتُ إليهما معاً بذهول وقلت: سوء تفاهم!؟...
نظرتُ غاضبة إلى منى وتابعت: هل أثرتِ فضيحة وأفشلتِ حفل خطوبتي لأجل... سوء تفاهم!؟
فقالت أمي: يا حبيبتي... لقد طلبتْ أمينة ابنة خالكِ من جهاد أن يساعدها للحصول على فيزه وإقامة في أميركا لتكون مع شقيقها هناك. وبعد أن سألوا عدة محامين عن طريقة للمَّ شملها مع شقيقها، نصحها المحامون بالزواج من رجل مقيم هناك ويحمل الجنسية... وأنتِ تعرفين أن جهاد يحمل الجنسية الأميركية، ولديه منزل هناك. لذا أحب أن يساعد ابنة خاله... فعقد عليها وأسكنها منزله في أميركا إلى أن تتأكد السلطات من زواجهما رسمياً فتمنحها إقامة... هو زواج صوري.
لم أحتمل ابتسامة منى... وكأنها تشمت بي.
نظرتُ إليها وقلت: وصدقته؟
فأجابت بثقة: طبعاً صدقته، لقد اتصلنا بأمينة وأخبرتنا الحكاية.
لا أعرف أي شيطان سكنني، وأي إبليس بدء يزعق في دماغي.
ابتسمت بخبث وقلت: وما أدراكِ أنهما يقولان الحقيقة؟... ما أدراكِ أنهما ليسا زوجين حقاً وأنه جعل مقرها أميركا حيث ترفضين أن تسافري معه؟... ألا تعلمين أنهما كانا حبيبين في المرحلة الثانوية قبل أن تجبرها والدتها على الزواج من ابن شقيقها الذي توفي بعد عامين من زواجهما؟
ذهل الجميع... ونعق غرابَ البينِ في سمائهم.
اقتربتُ من أحمد... وهو مصدوم مثلهم. قبلته على وجنتيه وقلت: سامحني حبيبي أريد أن أنام... ما رأيكَ أن تذهب أنت أيضاً لمنزلكَ كي تنال قسطكَ من النوم؟... لقد كانت ليلة طويلة ومتعبة.

تريد أن تنتقم؟... اقتل غريمكَ بالشك.








Images rights are reserved to their owners