كان يا ما كان




 كنتُ عصفورة


صادقتُ شجرة

قطعها الحطابون


وصنعوا منها

أقفاصاً للعصافير.








Image rights are reserved to the owner

حكم عليَّ الهوى


رسالة إلى حفيدتي...
عقدوا قراني على جدك وأنا في الرابعة عشر من عمري، وقبل أن أتم الخامسة عشر كنتُ قد أنجبتُ أول أبنائي، تخيلي الوضع، طفلة في الخامسة عشر تحمل طفلاً لا يكف عن البكاء ولا ينام... وكرت السبحة، وأنجبتُ خمسة أبناء وأنا في النصف الأول من عشرينيات عمري.
زوجي كان كائناً همجياً، يضربني لسبب ولغير سبب، وكلما أخبرتُ أهلي أنني أريد طلب الطلاق كانوا ينعتونني بأبشع النعوت ويعيدوني إليه، بحجة أنه الوحيد الملزم بتربية أبنائي الخمسة.
استكنت في منزلي غصباً عني... أنهكت قواي الجسدية والروحية وأصبتُ بحزنٍ يطلقون اليوم عليه مصطلح "الاكتئاب".

في المبنى المقابل لمنزلي، سكن شاب وسيم جداً لا بل جميل كيوسف. شغلني... لفت انتباهي... لاحقني، فوقعتُ في غرامه.
باختصار... ذات ليلة لا قمر فيها هجرتُ منزلي الزوجي وتركتُ أطفالي الخمسة وهربتُ معه.
عائلتي تبرأت مني، زوجي طلقني، والناس نبذوني سنين عديدة.

أحببتُ حياتي الزوجية الجديدة، مع حبيبي الجميل، الذي عشقته كما عشقتْ زليخة يوسف، دللني كملكة واعتنى بي كما لو كنتُ طفلته الصغيرة.
عشر سنواتٍ على زواجنا مضت كومضة. لم أندم يوماً على هربي معه، رغم اشتياقي القاتل لأبنائي. فقد وجدتُ فيه عزائي وفرحي وهناء عيشي.
لكن الموت عشقه مثلي، بكيته سنواتٍ وسنوات وما زلتُ أبكيه حتى الآن في ليالي وحدتي، وها أنا الآن كلما فاض فيَّ الشوق والحنين إليه ألجأ إلى البحر لأدسّ دموع قلبي في أمواجه، فهذا ما علمني إياه زوجي الحبيب، قال لي يوماً: خبئي دموعكِ في
البحر، فوحدها الأمواج ستروي قصتكِ وستنصفكِ في النهاية.

بعد موت زوجي بعدة سنوات حاولتُ أن أتواصل مع أبنائي، بعد أن استعدتُ حياتي شيئاً فشيء.
بدأت أعمل في الخياطة وأتعامل مع كبرى دور الأزياء. ومن منن الله عليَّ أن أحد أشقائي بادر لزيارتي، واضعاً حداً لعداوة لا معنى لها.
قال: حسناً ارتكبتِ خطأً ودفعتِ ثمنه.. يكفيكِ ما حصل لكِ من موت زوجك وهجران أولادك ونبذ المجتمع لكِ.
عدتُ إلى كنف اخوتي، سامحوني جميعهم، أما أبنائي فلم يسامحوني، كانوا يزورونني لكنهم ما سامحوني. وبقيت قصة تركي لهم وهربي من والدهم جريمة تعاقبني عليها أعينهم.
قالت لي يوماً ابنتي/أمك: لا ألومكِ لأنكِ هجرتِ أبي، بل أحقد عليكِ لأنكِ تركتنا أطفالاً.
أمضيتُ هذا العمر أتساءل ما الذي فعلته، وكيف طاوعني قلبي على ترك خمسة أطفال، لأعيش حياتي بعيداً عنهم، لكنني كنتُ دائماً أعزي نفسي بأن أبنائي قد عادوا إليَّ، وأن الهوى الذي عرفته في كنف زوجي الثاني وحبيبي الجميل ما كنتُ لأعرفه لو جبنتُ ورضيتُ بواقعي المرير.
واليوم حين أُسأل عن الندم ابتسم وأقول: لا أندم على العشق والهوى، لكنني أندم على تركي لأطفالي.

يا طفلتي انهي تعليمك لتعي ما يحصل حولك. اعشقي... ولا تتزوجي إلا بعد أن يعصف في قلبكِ هوىً حقيقي وفي فكركِ يقينٌ يقتلع جميع مخاوفك من جذورها.
والأهم... لا تتزوجي في سنٍ صغيرة.

جدتكِ المحبة




 Images rights are reserved to their owners