ما بتنتهي حماقات العشاق


زهرة... امرأة على أبواب الخمسين من عمرها، تقف في النافذة تراقب أولى زخات المطر لهذا العام، تنهدتْ فرحة وقالت: الله يبعت الخير.
يوم أمس كان عقد قران ابنتها الكبرى مريم وكان الحفل صاخباً كجنون ابنتها و"خوت" صباها.
ابتسمت بمكر وهي تذكر صباحاً كهذا تماماً حدث منذ أكثر من عشرين عاماً، يوم كان قد عقد قرانها على جابر والد مريم بعد قصة حب عنيفة، زارتهم صباح اليوم التالي رجاء قريبة والدتها. وبعد السلامات والقبلات، طلبت رجاء فنجان قهوة من يد أم زهرة، لأنها تريد أن تختلي بزهرة بحديث نسائي خاص. ضحكت أم زهرة وتركت الصالة لصنع القهوة.
أمسكت رجاء يد زهرة وقالت: اسمعي يا ابنتي... أريد أن أنصحك نصيحة أم لابنتها قبل أن تعود أمك، فتخجلين منها.
عندما كنتُ مخطوبة يا حبيبتي... سمحتُ وقتها لخطيبي أن يتلاعب بقلبي ليأخذني إلى السرير... وهكذا لم أشاهد حفل زفافي.
فوجئت زهرة وقالت: هل كنتِ مخطوبة خالتي رجاء قبل زواجك من عمي أبو حسام؟
ابتسمت رجاء وأجابت: لا لم أكن يوماً مرتبطة بغيره... لكنني لم أشاهد حفل زفافي بسبب أعراض الوحم!!
أحمر وجه زهرة وابتسمت... فأكملت رجاء: أجل لكن كنتُ حاملاً يوم زفافي أعاني من وهن الوحم ولم أشاهد زفافي، لقد كنتُ بالكاد أقف على قدمي لأتلقى التهاني... ما أود أن أنصحك به... هو أن تشاهدي زفافكِ يا حبيبتي... هل فهمتني يا زهرة؟.
ابتسمت زهرة بخجل وقالت: فهمتك خالتي.

يا لها من ذكريات. ابتسمت زهرة مجدداً وهي تذكر كيف وضعها الهوى في أحضان جابر بعد عقد قرانهما، وكيف أنه أصر على أنه لا داعي لانتظار الزفاف، فهما زوجان على سنة الله ورسوله. تبعت زهرة قلبها... وكان ما كان.
تنهدت بأسى... للأسف لو أنني سمعتُ كلام رجاء قريبة أمي لما خسرتُ ذاك الطفل.
فزهرة... وبعد أن اكتشفت أنها حامل قبل زفافها ببضعة أيام، قررتْ أن لا تخبر أحداً، كما قررت أن تتماسك كي لا يكتشف أحد وهنها خلال حفل الزفاف. تصرفت كعروس. رقصتْ... ورقصت... ورقصت... ولم تهدأ طوال الحفل.
تنهدت مجدداً وهي تبتسم بتواطىء مع قدرها. تلك الليلة، وبنعمة من الله تعالى، لم تنزف إلا بعد أن أصبحت في منزلها مع عريسها، وحدهما... وهكذا خسرت طفلها الأول.
تنهدت بحرقة وهي تخاطب نفسها "يا إلهي أعنّي... كيف أخبر ابنتي مريم كل ذلك وكيف أقنعها بأن لا تُقدم عليه، لأنني أنا فعلاً نادمة منذ ذاك اليوم لأنني فعلتها وخسرت الجنين!؟
تساقطت قطرات المطر على النافذة.
ابتسمت بثقة، عازمة على تنفيذ ما خططت طوال الليل لقوله لمريم.

استمعت مريم لأمها بتهذيب وخجل، لكنها كانت تنظر إلى ساعتها، ففي تمام الحادية عشرة لديها موعد مع طبيبة نسائية، كي تستشيرها بشأن تناول حبوبٍ لمنع الحمل.







Images rights are reserved to their owners