رصيف المحطة

 

على رصيف الانتظار

أجــــــالس طيــــــــفك

أشــــهق بوجعـــــي...

وأبكي طول انتظاري.


يمــــــــر العمــــر...

لا يـــــــلتفت ناحيتي

ويمضـــــــــــي!




Image rights are reserved to the owner

عطر



سهام كوفيد... وكيوبيد
الجزء الثاني



ها أنا عاشقة، كمراهقةٍ تكتشف قلبها للمرة الأولى، بعد أن وعت
إنه حي ينبض.
ألم أقل لكم أني سأفاتحه بحبي وأطلب الزواج منه؟
لقد حصل... فاسمعوا ما حصل.

أصبحت زياراتي لصديقي الحبيب فارس دورية ثم شبه يومية،
كنا نتكلم بكل شيء تقريباً. تعمقت بيننا العلاقة وتشابكت.
تقبَّل فارسي الحبيب كونه قد أصبح ضرير لا أمل بعودة بصره
إلى عينيه، كذلكَ آمن من صميم قلبه أن بصيرته ازدادت وهجاً
عمَّا قبل.

صارحني بحلمه... تركيب عطورٍ تحمل توقيعه... فبدأنا رحلة تحقيق حلمه.
أخافته الفكرة بداية فرفضها! فكيف يمكنه أن يصنَّع العطور!؟
كيف يضبط المقادير!؟
لكن إجابتي كانت جاهزة... سيكون معه مساعد يعينه في مختبرٍ نؤسسه معاً.
تحمس ابنه هيثم للفكرة... وما زلنا نطارده حتى وافق فارسي
على الفكرة.

وهكذا بدأت مهمة تأسيس المختبر أو المصنع الصغير في واحدة
من غرف المنزل.
تحمست ابنة شقيقي، الطالبة في كلية العلوم للفكرة عندما كلمتها
عنها، فطلبت أن تكون هي مساعدة لفارس في عمله.


أقام فارس عشاء عائلي احتفالاً بافتتاح المصنع.
شكر الجميع على حضورهم وختم كلامه  قائلاً:  أريد أن أتكلم مع طبيبتي وصديقتي الغالية أمامكم.
صمت الجميع وفي أعينهم فرحة الترقب وحماسته.
فقال بصوته الساحر الذي أعشق: ليا... ما هي زهرتكِ المفضلة؟
قلت: المانوليا.
فأجاب: المانوليا سميت نسبةً إلى عالِم النبات الفرنسي بيير
مانيول أو ماغنول حسب اللفظ الإنكليزي.
إنها زهرة مميزة ترمز إلى لحظة التجدّد والكمال في الطبيعة،
أحضرتها إلى دمشق السيدة جين دغبي، حرم الشيخ مجوِّل
العنزي، التي قامت بنقلها من لندن إلى حديقة منزلها بدمشق في
سبعينيات القرن التاسع عشر. 
زهرة نقية مرهفة... هي عطر المرأة
الاستثنائية.

ذكرها الرائع نزار قباني في عدة قصائد... وبدأ ينشد بصوته الرخيم...

من سيدري؟
ربما تنمو أزاهيرُ المانوليا فوق ثغري
ربما تأوي ملايينُ الفراشات إلى غاباتِ صدري
ربما تمنحني عيناكِ عمراً فوق عمري
من سيدري؟
ما الذي يحدثُ للعالم لو أني عشقتْ؟
هل يجيءُ الخيرُ والرزُق، ويزدادُ الرخاءْ؟
هل ستزدادُ قناديلُ السماءْ؟
هل سيمضي زمنُ القبح... ْويأتي الشعراء؟
ثم هل يبدأ تاريخ ٌ جديدٌ للنساء؟
من سيدري؟


صمت برهة ثم تابع:
يـُعلمني الحبُّ ما لستُ أعلمُ
يكشفُ لي الغيبَ... يجترحُ المعجزات
ويفتحُ بابي ويدخلُ...
مثلَ دخول القصيدةِ...
مثلَ دخول الصلاة...
وينثرني كعبير المانوليا بكلِّ الجهاتْ...

صفقنا له بحرارة، فانحنى ممتناً وتابع: ستكون أول قارورة
عطر تخرج من مصنعي المتواضع هي عطر خاص بالصديقة الحبيبة ليا... عطر المانوليا.
وقفتُ بدوري، وفي عيناي تترقرق دموع الفرح وقلت: أريدها
أن تكون هديتكَ لي ليلة زفافنا.
ضحك بوقاره المعتاد وقال: كنتُ قد بدأتُ أظنكِ لن تقوليها.
ضحكت وبكيت معاً وأجبت: كنتُ أظنكَ ستقولها أنت.
ضحك الجميع وهو يقول: تعالي...
ضمني إليه ضاحكاً وهو يقول لابنه: هيثم... يا ابني الحبيب،
أردتَها طبيبة تعالجني، فهل تقبلها زوجة تشاركني؟
وقف هيثم وحضننا معاً وهو يقول: لو لم تتزوجها يا أبي،
لتزوجتها أنا.

ضج الجميع بالضحك... وفاح عطر
المانوليا... عطر الحب.

سأرسل لكم دعوات الزفاف مع عصافير
الفجر... فافتحوا نوافذكم للهوى.



Images rights are reserved to their owners