نفسي... وأنا


صرختْ روحي المنهكة... كفــــــــى!!!!
كفى يا امرأة... ألا تملينَ مِن العِراك مع القدر!؟
وضعتُ رجلاً فوق رجل وابتسمتُ لأغيظها، وأجبت: إن لم أعاركه، فكيف أعرف أنه قدر؟!
تهاوت على المقعد أمامي، وقالت: حسبي الله على جموحكِ يا هذه.

اليوم خرجتُ لأجول تحت سماء وطني، الغاربة شمس حقيقته. على وجهي كمامة، ألفتها ولم تعد تزعجني، عكس انزعاجي من كمّ فمي عن الصراخ.
فإذا بي ألقاها... نفسي الحائرة دوماً... الساخطة دوماً. كانت تشتم كل شيء وهي تسير. تشتم عبثية الحياة... عبثية الوجود، وعبثية أن تولد وفي شرايينك حبر، وعلى أطراف أناملك أقلامٌ مترعة بحِبر الرفض، تقارع الآلام والمواجع، وتعبث بمياه الوجود الراكدة.
نظرنا إلى بعضنا شذراً… شتمتني فتعاركنا… ضربتني فشددتُ شعرها.(رغم أنها مثلي... محجبة). تعاركنا طويلاً… نفذت طاقتنا مِن طول العراكِ.
وإذ بنا فجأة... نغيب عن الوجود في أحضان بعضنا، نبلل ثيابنا بدموعنا.
ضحك المارة من حولنا على جنوننا، فضحكنا مِن بين دموعنا.
ثم شتمتها لأنها السبب في ذلك، بادلتني الشتائم… وعاودنا القتال.

… لا عجب في ذلك، فنحن في عراك دائم.




Image rights are reserved to the owner

اعترافات غاضبة


عزيزي آدم...
صاحب الطيف الأجمل...
الغائب/ الحاضر... الذي هو في غيابه، أكثر حضوراً في روحي من الجميع.


هل تذكر؟...أخبرتكَ في الرسالة السابقة أنها ستكون آخر رسائلي إليك... لكن شبح الحنين يا صديقي، تحول إلى جدة عجوز، تخبر صِبايا حكاياتٍ عن زمنٍ جميلٍ أضعته... بسبب مكر القدر... وغبائي! يومَ رحلتُ معهم، وأنا أحملكَ جنيناً في روحي، ولم أكن أحسب أنني سأنجبه بعد أن أكون قد توغلتُ في كهولتي!
فهل خطر لكَ، يوم مارستَ نزق مراهقتكَ عليَّ، أنني سأحمل جنين ذكراكَ وأنا أخطو وحيدة نحو سنواتي العجاف؟
هل توجعكَ الذكرى مثلي؟... أم تضحككَ شقاوة "الولدنة" يوم راودتَ "بنوتة صغيرة" عن نفسها، وجعلتها تسرق مِن رقابة الأهل هنيهاتٍ لتقابلكَ فيها في الزقاق الخلفي؟... لتكونَ النتيجة اسمين من دون كنية، وفراقٌ على لا وعد بلقاء!
عزيزي آدم...
هو قدرٌ مجنون لا شك، رغم حِكمته.
تقول أمي أن القدر سوف يوضح ألغاز الزمن، وسيعرف كل إنسان في النهاية المغزى والحِكمة مِن كل ما تعرض له.
فأخبرني أرجوك... باسم الإنسانية أرجوك... أخبرني ما الحكمة مِن أن نلتقي
برهة، لنتوه بعدها عن بعضنا عقودٌ ثلاث، ثم تومض فجأة في ذاكرتي كأوجع ذكرى يمكن أن تعود إلى امرأة شرقية، تقيِّدها الأعراف والتقاليد.

عزيزي آدم...
دعني أخبركَ كيف أصبحتْ "فتاة أحلامك الصغيرة".
طفلة الإغترابِ عشتُ في وطني... أنثى من ورقٍ وأرق، ما زالت نقمتها على الحرب تتفاقم ، بعدد النكباتِ التي تسبب بها أمراء الحرب الذينَ نصبّوا أنفسهم حكاماً علينا، ليسوقوننا كأغنام الراعي الكذاب، يرعون العشب اليابس في براري الوطن يهتفون باسم الراعي، ولا يتنبهون لاتفاقياته مع الذئب!
فهل أنتَ منهم!؟... أم انكَ مثلي كافرٌ بهم لا تؤمن إلا بربٍ "يُمهل ولا يُهمل"، لكنه "طويل البال" مع أمةٍ "مجعلكة" لا ترى أبعد من أنفها المزكوم عن روائح فسادهم!؟
يااااااااااه... ما أوجع أن تكون إنساناً مِن ورقٍ وأرق. تنتمي إلى فصيلة تكره الأقفاص والأصفاد، في جعبتها... سهام غضبٍ تود لو توجهها إلى صدور حُكّامٍ ما زالوا منذ قابيل يتوالدون من بطون الرذيلة، يسابقون الشيطان إلى جحيم الخلود.
هكذا ولدتْ... هكذا عشتْ...
أرضعتني أمي مع الحليب حِبر المعرفة، ونسجت لي الأبجدية شال غوى أضعه على كتفيَّ في ليال البرد، لعلني استدفئ مِن صقيع غربتي في مجتمعٍ أتكلم لغته، لكنه لا يفهمني!... مكتبتي سريري، أعلق النوم على ستائره وأجوب العالم على متنِ طائراتي الورقية.
أشتعل غضباً من أجل القضايا الكبرى. أنحاز للمهمشين... للمهشمين... للمسحوقين تحت نير تسلط أراذل الحُكَّام... في أوطانٍ تأن وجعاً مِن موت الضمير.
وهكذا مرَّ العمر... تتساقط مني الحروف راسمةً درباً مِن أشواك المعرفة وأشواق الأدب، فرسمني هذا الأخير حكايةً تجدها، في سياق السرد.
اليوم... وأنا في خمسين مِن الآلام، ما زلتُ انتظرك... وسأبقى!...

فيا عزيزي آدم...
يا صاحب الطيف الأجمل...
يـــــــــا آدم (ي)... انتظرك...
وإلى أن نلتقي...
أطلق سراح طيفك، لعلي ألقاه على قارعة صدفة، فأخبره سرَّ الوصول إليَّ.
 



Images rights are reserved to their owners