تساؤلات عقيمة في عقلٍ مجنون


ألفين ونيِّف على وجود البشر، كانت المعرفة خلالها تتطور ببطء، وعالِم يضع أساساً لعلومٍ تليها علوم... والثقافة البشرية تسير الهوينى حاملة في طياتها أروع ملاحم وملامح التطور المعرفي لدى الإنسان.
قبل أن تعرف البشرية التدوين، اعتمد الإنسان في نقل معارفه للآخرين على الحفظ. إذ كانت العقول مهيأة لأن تحفظ كل ما يلزم حفظه، عن ظهر قلب. إلى أن بدأ عصر التدوين، وما تبعه مِن أساليب التعلم والتعليم.

هذه لمحة عامة وشديدة الاختصار، لتاريخ المعرفة الإنسانية، لأنني في مقالتي هذه لستُ في وارد أن أقدم أطروحة في التاريخ. لكنني أريد أن أدخل من مقدمتي البسيطة هذه إلى صلب الموضوع.
وصلب الموضوع هو:
كيف تطورت العقول البشرية بوجود وسائل ووسائط المعرفة الإنسانية؟
حتى الأمس القريب، كان العِلم أسمى سمات البشرية، والكتاب كنز يحوي درر وجواهر المعرفة والثقافة. كانت الشهادة العلمية، تاج الإنسان، والثقافة سمة عامة، يُعرف بها الأميَّ والمتعلم على السواء. (جدي لأمي رحمه الله كان يحفظ القرآن عن ظهر قلبٍ، ويصوّب أوزان الشعِر، وهو أميَّ لم يحمل كتاباً يوماً).
كانت الأم مدرسة فعلاً لا قولاً، تشرف على دراسة فلذات الأكباد رغم تعب المسؤوليات والأعمال المنزلية الأزلية. (أعرف أمهاتٍ- وسمعتُ عن أخرياتٍ- كنَّ أمياتٍ تماماً، أشرفنَّ على دراسة أطفالهنَّ كالمتعلمات وأكثر).
مجتمعاتٍ بأكملها نشأت بفضل نساءٍ ورجال لم ينالوا تعليماً يليق بعقولهم المنفتحة، ومع ذلكَ نشأت الحضارات وتطورت الحياة بفضل تضحياتهم، واحترامهم لكل أنواع المعرفة وأشكال الثقافة.

فماذا فعل أبناء الألفية الثالثة وكائنات الشبكة العنكبوتية... بالثقافة؟
الإجابة ستكون في إيجاز بعض الظواهر الغريبة التي لا يخلو منها مجتمع عربي، وهي غيضٌ مِن فيض الظواهر العجيبة التي بدأت تتجذر في مجتمعاتنا لتشكل حياةً لم نستطع بعد- نحن جيل الكتاب والثقافة- على التأقلم مع جنونها.

مادة دراسية "غير هامة"
رحم الله أستاذي- الأستاذ حسن سبيتي (مالك ومدير مدرسة الوفاء)- الذي تعلمنا على يديه قواعد اللغة العربية وإعرابها. الذي زرع فينا شغف اللغة العربية وجمال حروفها المتألقة كنجومٍ تضيء سماء اللغات.
كما أذكر بالخير أستاذي- الأستاذ بسيم الحريري (مدرسة بيروت العربية- المعروفة بالمعهد العربي)- الذي نهلنا مِن روحه جمال الأدب وسحر القصيدة، وهو يجول بنا بين صروح الأدب وعمالقته، كمثل جبران خليل جبران- الجاحظ- المتنبي- امرؤ ألقيس- ميخائيل نعيمة- بشار بن برد... شارحاً قصائدهم، راسماً خيالاتهم أمامنا بكل شغفٍ وتفانٍ، من أجل لغتنا الأم، التي لا يمكن أن يوازيها في التعبير أي لغة أخرى.

واليوم... ونحن في زمن الألفية الثالثة، والعالم قد أصبح قرية كونية، ترفع الأمهات شعار "العربي مش مهم (مادة لا ضرورة لها)... المهم اللغة الإنكليزية".
...وهكذا أصبح لدينا أجيالٌ تكتب بما يسمى "لغة الشات" كلماتٌ عربية بأحرف إنكليزية!... (لا أقرأ معظم محادثات زملائي- بيني وبينهم فجوة ثقافية بسبب فارق العمر- على جروبات العمل، لأنني لا أفهم ما يكتبون!).
أصبح لدينا أجيال اغتالوا سيبويه في قبره، وأماتوه غيظاً ألف ألف مرة في نهارهم وليلهم.
لماذا؟
الدنيا تغيرت!
والإنسان قيمته تعلو وتعلو كلما استخدم أثناء حديثه، مصطلحاتٍ أجنبية أكثر.


أدبي!... ما هذه التفاهة! 
أذكر- بمرارة لا بالخير- مديرة مدرسةٍ، لا أذكر اسمها! ولا داعي لذكر اسم المدرسة- أنها وبختني أمام والديَّ يوم التسجيل لأنني قررتُ أن أختار القسم الأدبي في دراستي الثانوية!
 إذ نفشت ريشها ونفخت أوداجها وهي تتشدق بالقول "الأدبي بلا عازة... وأنا لاغيتو مِن مدرستي، ما عندي إلا ثانوي علمي"*.
وبدأتْ بإلقاء محاضرة على والديَّ عن أهمية التخصص العلمي، وتفوق تلامذته، أمام صغر عقول التلامذة الذي يختارون التخصص الأدبي (أمثالي).

نهاية القول:
لا سامحها الله، ولا سامح بعدها أستاذ الرياضيات (ولن أذكر اسمه أيضاً) الذي وضعني عدة مراتٍ في مواقف حرجة أمام رفاق الصف، لأن "عقلي الغبي" لم يستوعب مسائله الرياضية العظيمة!

وهكذا... أصبح لدينا مذهب فلسفي خاص وهو حامل شهادة تخصص لم يختره في وظيفة لا تناسبه... والفشل يعم المجتمعات.
وحسب وساطاتكم... تتوظفون!
لماذا؟...
الدنيا تغيرت! والتخصصات الأدبية، لا تطعم خبزاً!


معلمة مجنونة
عام 1999 كنتُ أعمل في التدريس، أذكر يوماً كنتُ في صف الأول ثانوي، وبفضل علاقتي القوية مع تلاميذي المراهقين كانوا لا يخجلون من طرح أي سؤالٍ يشغل تفكيرهم، ولو كان من خارج مادة دراستهم.
يومها كانت روايات أحلام مستغانمي "ذاكرة الجسد وفوضى الحواس" ما زالت حديث الكثير من المحطات التلفزيونية، إحدى تلميذاتي المراهقات، طرحت عليَّ سؤالاً عن رواية "ذاكرة الجسد" وما يعنيه هذا العنوان، شرحتُ المعنى لها ولرفاقها، وأعطيتهم ملخصاً عن الرواية، وأنهيت كلامي المختصر بأنه من الأهمية أن يطالعوا الرواية بأنفسهم لا أن يكتفوا بكلامي.

في الأسبوع التالي، دخلتُ مجدداً إلى الصف، فوجدتُ تلميذتي المراهقة ورفيقاتها بانتظاري على الباب، وبادرتني تلميذتي وهي مرتبكة "مس لينا أريد أن أخبركِ شيئاً" وبعد أن هدأتُ من روعها، وأكدتُ لها أنني لن أغضب مهما كان ما ستقوله، أخبرتني بخيبة أن والدتها رفضت أن تعطيها نقوداً لتشتري الرواية وقد قالت لها بالحرف "هيدي معلمة مجنونة... ما بيكفي كتب المدرسة، بعد بدنا نشتري كتب!"

نحن اليوم في زمنٍ أصبحت فيه تلميذاتي (معظمهنَّ أعتقد) أمهات.
والنتيجة؟...
أمهات عدوات للكتاب... وأطفالهنَّ يصادقون الأجهزة الذكية، ولا يعرفون معنى "كتاب".

أطال الله في عمر والدتي فقد ربتنا على حب الكتاب ومتعة القراءة، كنا نرتاد السينما والمسرح والمكتبة. نختار القصص بأنفسنا متتبعين حدسنا الطفولي وخيالنا البريء في اختيار القصة وموضوعها.
ستقول الكثير مِن الأمهات، أن قراءة القصص مكلفة، والحال "على القد"... وسأقول هاتفكِ ثمنه مبلغاً وقدره...! لكن العقدة في العقلية لا في التكلفة.
فلماذا هذا التخلف!؟
طبعاً أنا المتخلفة، فالهواتف الذكية هي سمة رفعة المكانة الاجتماعية، وعلو شأن حاملته (وأشدد على كلمة حاملته، بناء على مقولة: الأم مدرسة).

عزيزتي الأم... الزمن لم يتغير والمواليد لا يولدون من أرحامكنَّ حاملين هواتف كما تزعمن فالله يمنحنا الطفل صفحة بيضاء نكتب عليها ما نشاء.
اقرئي... فيقرأ.
النتيجة؟...
أطفال رؤوسهم في شاشات الأجهزة الذكية، عقولهم تضمر بسبب التلف الذي تسببه أشعة هذه الأجهزة.


أبطال الرياضة... وأساطيرها 
يبلغ راتب لويس سواريز حوالي 3 ملايين يورو شهرياً. ويبلغ راتب كريستيانو رونالدو حوالي 4.5 مليون يورو شهرياً. بينما يبلغ راتب ليونيل ميسي 8.5 مليون يورو شهرياً.
ملايين من الدولارات واليورو تُصرف على لعبة رياضية، أقنية خاصة للرياضة... برامج متخصصة في أخبارها... مراسلون... محللون... صناعة قائمة بذاتها.
والمردود!؟... 
مشاهدة مباراة لمدة ساعتين للمتعة.
الفائدة الإجتماعية!؟...
شباب يتقاتلون فيما بينهم بسبب رجالٍ بعقولٍ صغيرة يركضون وراء كرة!... مئات ملايين الساعات مِن أعمار الشباب تضيع هباءً.
فلو مارس كل شخص الرياضة بنفسه، لحاز على المتعة والفائدة معاً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:
الرياضي يمارس هوايته، وكل هاوٍ يمارس هوايته، فلماذا هو (الرياضي أياً كان بلده) يتقاضى أعلى الأجور، في حين أن ملايين الهواة من كتَّاب... رسامين... مصممين... فنانين...) لا نجد مردوداً مادياً ولا معنوياً لقاء ما يبدعون!؟
أضف إلى هؤلاء الرياضيين الأساطير، "فنانات الهشك بشك" ومغنّي عُلَب الليل، وفناني "الجمهور عايز كده"!
النتيجة؟...
الأدب لا يُطعم خبزاً. والشِعر عمل مَن لا عمل له! والرسم رفاهية لا نحتاجها... والموسيقى بين محللٍ ومحرِم!
نهاية القول:
بِئسَ الزمن... وبِئسَ الحضارة.


الفاشينستا
ومن يعرف ما هو عملهنَّ ولا ما هي أهميتهنَّ للبشرية!؟
برامج للفاشينستا تُصرف عليها ملايين الدولارات، ملايين المتابعين لهنَّ على السوشيال ميديا... كل الأضواء مسلطة عليهنَّ!
ماذا يقدمنَّ للمجتمع!؟
يثبتنَّ للرجل إنهنَّ لسنَّ سلعة!
ويعلمنَّ النساء أن يكنَّ دمى حية خضعت لأكبر كمِّ من عمليات التجميل... والنفخ والشفط. شعارهنَّ كوني جميلة... كوني جميلة... كوني جميلة... والمصيبة إنهنَّ لا يسكتنَّ (على حسب المثل)، بل ينادينَّ بتحرير المرأة!

تحريرها من ماذا؟...

والنتيجة؟...
طلاق... طلاق... طلاق. ظاهرة تكاد أن تصبح قاعدة عامة.
والعائلة في خبر كانَ!


مشاهير السوشيال ميديا
للأسف أن ما يجري على هذه المواقع، هو مهزلة مبكية بامتياز.
هنا (فايسبوك- تويتر- تيك توك- سنا بشات- استغرام...) لم يعد الفنانون ينشرون أعمالهم وإبداعاتهم (إن وجدت!) على هذه المواقع، بل يستعرضون أشكالهم... ميزاتهم الاجتماعية... قصورهم... طائراتهم الخاصة... مجوهراتهنَّ... ملابسهنَّ... أشكالهنَّ الصنمية بعد كل عملية تجميل...
لماذا هذه الاستعراضات المبتذلة؟
لأن "الجمهور عايز كده"! (تهمة يلصقونها جزافاً بالجمهور).
النتيجة!؟... 
نساء غير راضيات عن أشكالهنَّ. رجالٌ غير راضون عن ضآلة مستواهم العملي والاجتماعي. الطلاق هو سيد الموقف. وقطاع صنَّاع الجمال في أوج تألقه، لمن استطاعت إليه سبيلاً.


كتّاب وشعراء السوشيال ميديا
ظاهرة غريبة مضحكة/مؤلمة ما نشاهده في زمن مواقع الكتابة والتأليف. 
فالكل هنا كاتب وشاعر (مع فائق مودتي واحترامي للكتَّاب والشعراء الأصيلين المبدعين الكثر الذين كان لي شرف التعرف إليهم في هذه المواقع).
فكل مَن كتب خاطرة من سطرين، أطلق على نفسه لقب شاعر. وكلَ مَن سرد حكاية مِن هنا أو مِن هناك، عرَّف عن نفسه بأنه أديب أو كاتب. لكن لا أحد منهم يخطر له أو لها أن الأديب الأصيل والشاعر الملهَم لا يطلق الألقاب على نفسه، بل النقاد والمعجبين هم مَن يفعلون.
لماذا يكتب مَن ليس مؤهلاً لأن يخط حرفاً؟
لأن الأمر مسلٍ، ويجمع "لايكات" ومعجبين.
النتيجة؟...
الكل يريد أن يكتب، ولا أحد يريد أن يقرأ. فالآخرين (بالنسبة له/ها) ليسوا إلا مجرد هواة!

نصيحة للهواة الأصيلين على مواقع التواصل:
عندما تقرأ سطراً وتجد أن كاتبه/كاتبته لا يراعون أدنى معايير الصرف والنحو وسلامة اللغة، غادر صفحاتهم ولا تلتفت إلى الخلف.
واكتب مِن أجلك أنت، مِن أجل رسم سحر خيالكَ وجمال ذائقتكَ الأدبية، ولا تنتظر تفاعلاً كبيراً. فكلنا نعرف معايير النجاح على... السوشيال ميديا.


أطلتُ مقالتي جداً، ولعل معظم مَن بدأ بالقراءة لم يصل إلى نهايتها ليقرأ هذه الخاتمة، لكنني أود نهاية أن أقول أن الوضع مزري والثقافة في أدنى مستوياتها. لكن... بالإرادة والتعاون يمكننا أن نصنع الفرق، ونفرض التغيير.
من جهتي... كهاوية للثقافة لن أيأس ولن استسلم، وستبقى الثقافة مشروع حياتي، وسيبقى الأدب حريتي وأجنحتي.
مع حبي لكل مَن كتب كلمة جميلة، نقلتنا على أجنحتها إلى أجمل بقع الخيال.



*الأدبي تخصص لا جدوى منه، وهو ملغى مِن منهاج مدرستي.



 Images rights are reserved to their owners

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

روح أم



روحها زجاج ملون...
كلما ساد العتم
تلألأ الليل بنور قلبها...
أمي.







Image rights are reserved to the owner

ميك آب


يعطيكَ شكلي إيحاء بأنني صغيرة جداً- لكنني في الثامنة عشر
من عمري- لذا فقد قررتُ أنني منذ هذا اليوم تحديداً- يومي
الجامعي الأول- أن أبدأ باستخدام أدوات الزينة وأن أضع "ميك آب" على وجهي، يعطيني شكلاً أنثوياً يافعاً.

يا إلهي... أنا في الجامعة. قلبي ينبض بقوة، ويداي رطبتان. فجأة ظهرت أمامي أنثى مختلفة- ستصبح صديقتي الأنتيم- قالت وهي تمد يدها لي: زكية...
بادلتها الابتسامة وصافحتها وقلت: ورد...
ضحكت وقالت: مذهلة... شيء ما فيكِ مختلف... أحببتكِ يا بنت.
ابتسمتُ بخجل، فقد راقني أن ألفت الأنظار، أنا البنت الصغيرة
التي لم يعرها أحد أي اهتمام، فالكل يعتبرني طفلة، نظراً لشبهي
بشخصيات الرسوم المتحركة!
وزكية كانت نموذج للأنثى الواثقة بنفسها الناضجة بما يكفي لتفهم الناس مِن نظرة، فهي تكبرني بحوالي عشرة أعوام ولا بد أنها مرّت بالكثير مِن التجارب، وهذا ما يجعل منها امرأة مذهلة في كل تفاصيلها.
لن أخبركم عن صداقتي بزكية، التي اختفتْ فجأة من حياتي، كما ظهرت فجأة!.
لكنني سأخبركم عن "حبيب" أشهر شاب في الجامعة، سارق قلوب العذارى... وقلبي. كان قلبي يقع أرضاً، كلما نظر إليّ، فأدوسه وأتعثر به!
أجل... أجل... كما فكرتم تماماً، أغرمتُ به، وكنتُ أنتظر اليوم الذي سيقترب فيه مني... و... لا أدري... كانت هذه أحلامي. مع أنه كان على وشك التخرج، وهو جميل جداً، وواثق بنفسه جداً جداً. بعكسي أنا... بنت صغيرة لا شأن لها، أقل من عادية،
لم تلفت الأنظار يوماً، مبتدئة في كل شيء... وسرعان ما أفقد
صوتي في المناقشات الصفية، عندما يحضر حبيب لحضور
محاضراتٍ معنا، بحجة أن "الدكتور غائب". فيضحك الدكتور
المحاضر ويقول له: حسناً ادخل... واسترجع ذكرياتكَ في سنة
أولى.
يجلس ورائي دائماً... فأحمَّر كلي... وأفقد صوتي. وأسمع
ضحكته عندما ينهرني الدكتور ويقول: بنت يا ورد... هل أكل
القط لسانكِ... أنتِ عادة لا تكفين عن السؤال والمناقشة!
طبعاً... فأنا مرتبكة بسبب حضور حبيب.
كما أنني لا أملك ثقة نهى التي تشبك يدها بيد حبيب في الكافيتيريا، وتطلب منه أن يدعوها إلى فنجان قهوة. يا إلهي كم كرهتها...
... هكذا مضى العام الدراسي الأول، هو يتأملني... أنا أحلم به... ونهى تحاصره.
ها قد وصلنا إلى يومنا الأخير في عامنا الدراسي، قبل عطلة
الامتحانات.
"يا الهي!... زكية لن أراه لمدة شهر؟!"
ربتت زكية على كتفي وقالت: لله الأمر من قبل ومن بعد... ماذا أفعل يا حبيبتي، أنتِ خجولة، وهو... لا أدري... لا أفهم تصرفاته، عندما يتأملك هكذا اعتقد أنه مغرم بك... لكن! لم لا يكلمك... لا أعرف.

بعد ساعات في قاعات المحاضرات، مراجعات... وأبحاث... و... أحسستُ بصداع، وكنتُ حقاً بحاجة لفنجانٍ من القهوة.
دخلتُ إلى الكافيتيريا وزكية ورائي... فجأة!... قام حبيب عن كرسيه واتجه ناحيتنا!
لم أستوعب ما يجري، هل حبيب يمسح وجهي بمحرمة رطبة!؟نظر إليَّ وابتسم وقال: هكذا أفضل... فالميك آب لا يليق بوجهكِ الطفولي.
اندهشتُ وخجلت ولم أدري ما أقول... فجلجلت ضحكة زكية وهي تقول له: يخرب بيتك أخيراً...
ضحك وقال: تعيقني طفولتها والله.
غمزت زكية بعينها وقالت: تشجع... سأدربها لك.
فقال: الله يستر.
وضحك الاثنين وأنا بينهما كالبلهاء لا أفقه شيئاً.ابتسم حبيب في وجهي برقة وقال: أدعوكِ لنشرب القهوة معاً... رجاءً؟
لا... لن أخبركم ما جرى بعدها... فهذا ليس من شأنكم.



Images rights are reserved to their owners

مـــــــــاذا لــــــــــو؟


ماذا لو؟...

راقصتَ بنات أفكاري

فككتَ جدائل طفولتهنَّ

وزينتها بنجوم الدهشة؟

دهشة القُبلة الأولى...

ترفرف على نبيذَ الشفاهِ

فراشة عاشقة...

تراقص "هوى" الحقول

احتفالاً بزفاف...

افروديت وايروس.



ماذا لو؟...

أشعلتَ شموع أنوثتي

بأنامل رجولتك...

وراقصتني...

على ضفاف

الدانوب الأزرق

فالس "ليلة حب"؟



ماذا لو؟...

تشاركنا...

قهوة الصباح...

وأشواق الليل؟



ماذا لو؟...

أقمنا من ثلوج ديسمبر

رجل ثلج...

تنفخ فيه من روحك...

فيصرخ...

"لله دُركَ مِن رجلٍ

أشعل في صقيعي

لهيب الوله".



ماذا لو؟...

ماذا لو؟...

ماذا لو؟...



 Image rights are reserved to the owner