حربٌ زوجية باردة


هي:
مشكلتي معه يا أمي أنه يريدني زوجة تقليدية كأمه، أنجب الأطفال... أربيهم، أعتني بهم وبه، وأكون عوناً له على مصاعب الحياة.
لكن... أين كياني كأنثى تعلمت ونالت شهادتها الجامعية مثله تماماً! أنا أريد أن أتابع دراستي، أن أتطور... أن أثبت وجودي في هذه الدنيا. فأنا لم أولد لأكون مجرد زوجة وأم.
أفلا يكفي أنني أنجبتُ له أطفالاً! فليتحمل مسؤوليته في تربيتهم. ثم أنني أكره ارتباطه بأهله، فأنا تزوجته هو لا عائلته بأكملها!


هو:
مشكلتي معها يا صديقي أن كل وعودها لي بأن تكون شريكة حياتي قد ذهبت أدراج الرياح! فهي تتصرف كما لو أنها ليست زوجة وأم. تنشغل بدراستها، تُهمِل رعاية الأولاد بحجة أنها مسؤوليتي أيضاً. تكره عائلتي لسببٍ وحده الله يعلمه.
أصبحتُ بالنسبة لها مجرد صرافٍ آلي، منزلنا مجرد فندق... للنوم والدرس، تترك لي شؤون الأولاد والمنزل. تتبنى مطالب لجنة حقوق المرأة وتحاربني من أجلها وكأنني الجلاد وهي الضحية.
وفي النهاية تتهمني بأنني لا أفعل شيئاً لأجلها!.





Images rights are reserved to their owners




































رئيس البلدية


الجزء الثالث والأخير

سرعان ما انقضت الإجازة الجامعية في أعباء القرية، ومرض الجدة ونقلها من وإلى المستشفى.
عاد يوماً من الجامعة منهك القوي، رفض أن يتناول الغداء، قال أنه سينام قليلاً قبل أن يأكل، فهو يكاد يغفو وهو واقف.
تمدد على سريره، وما كاد يغمض عينيه حتى سمع عويلاً في الخارج.
نهض مذعوراً وخرج من الغرفة راكضاً فوجد امرأة تولول على باب المنزل وتقول: بدي الإسعاف... جيبو الإسعاف بسرعة...
كانت أم وحيد تحاول تهدئتها.
فقال الدكتور وحيد بذعر: شو في... شو صار؟
فقالت المرأة: كان أمين عم ينقب الأرض بالبوكلين لكز حيط الجنينة عنا وقعت الحجارة على ابن خيي رامي وهو عم يفرفر متل الدجاجة المدبوحة.
قاد الإسعاف وهو يقول: الله يرجعك بالسلامة يا فريد قديه كنت شايل عني وما كنت عارف قديه عم تتعب.

عاد فريد من شهر العسل، حضنه الدكتور وحيد طويلاً وشكى له ما فعلت به الأيام في غيابه، فضحك فريد وقال له: مشاكل الناس بهالضيعة ما بتخلص اتركلي ياهن أنا بفهم عليهن. خلص ارتاح ولا يهمك... وأنا إن شاء الله ما بقصر.

من عجائب الأيام أن هاتف الدكتور وحيد لم يرن اليوم... فلا مشاكل في القرية... ولا أي أمر يستدعي تدخله.
بادرة خير، شكراً يا الله والحمد لك على نعمتك وعلى عودة فريد سالماً.
"الله لا يحرمني منك يا فريد".
وصل إلى المنزل وجده هادئاً، فالجدة في المستشفى، أخذ حماماً ساخناً، تناول غداءه بهدوء... وذهب إلى النوم.
ثقلت جفناه... خف جسده... بدأت الملائكة ترفرف حوله... وقبل أن يغط في النوم العميق نادته والدته: يــــــــــا وحيد!
استفاق مذعوراً ليجدها فوق رأسه والدموع في عينيها.
فصرخ: شو في؟
فقالت: اتصل بييك من المستشفى... ستك توفت... قال انزال انت وفريد بسيارة الدفن لتجيبو الجنازة!.



انتهت




Image rights are reserved to the owner











رئيس البلدية


الجزء الثاني

ذات ليلة ماطرة لم تنم الجدة، ولم ينم أحد، كانت تروي روايات عن صباها، عن خطَّابها... عن الدبكة على البيدر... عن مقصوفة الرقبة عايدة اللي استعارت منها الفستان وخزقتو... وعن... وعن...

ذهب إلى الجامعة برأسٍ مثقل بالصداع، ووجه واجمٍ لم يعتده طلابه. لكنهم احترموا صمته ووجومه ولم يثقلوا عليه بأسئلتهم.
عاد ظهراً متعباً... مرهقاً... يلمع الصداع برأسه كالبرق. لكنه رسم البسمة على وجهه ودخل المنزل.
جلس مع أبويه إلى طاولة الغداء وأكل لقيمات قليلة.
قالت والدته: الهيئة ستك جاييها عقل الرحمن ونايمة، قوم نملك شوي انت كمان.
هز برأسه وقام من فوره. ما ان بدأت تباشير إغفاءة تزور عينيه حتى سمع صوت بلبلة في الخارج.
لم يهتم، وحاول إكمال نومه... لكن لحظات ودخل عليه والده، وأيقظه بهدوء وقال: يا ابني يا وحيد هيدا حسون سواق البوكلين طلع على محطة المي وكسر السكر والمي منوفرة قوم شوف شو بدك تعمل على بكير!!!


يوم إجازته الربيعية، نقل خمسة أطفال إلى المستشفى على دفعات. الأشقياء... الأول وقع عن الشجرة... الثاني وقع عن الدراجة... الثالثة تعاركت مع الرابع بالعصي وجرحا بعضهما... أما الخامس فقد أدخل عصا عش الدبابير...
"وأين الراحة يا الله من جيل الانترنت هذا الذي يعتقد نفسه شخصية في لعبة الأيباد؟! لا يهاب شيئاً... ولا يردعه رادع؟ وأي تربية هذه؟!

عندما يحل الربيع تبدأ النهضة العمرانية في القرى والبلدات، والكل يبدأ مشاريع لتحسين منازلهم وتجميلها.
لكن هذه النهضة العمرانية كانت وبالاً على الدكتور وحيد، فمنهم من بدأ بحفر الأساسات دون رخصة، وهذا ما جعل رجال المخفر يقومون بزيارات دائمة للقرية، ويختلفون مع الأهالي مما يستدعي تدخل رئيس البلدية لحل الإشكالات، وعقد اجتماعات مع الأهالي لتوضيح الصورة، بأنه لا يحق لهم البدء بحفر الأساسات ولا بالعمار قبل الحصول على رخصة البناء.
فما الضير أن نبدأ، وفي نفس الوقت نتقدم بطلب للحصول على الرخصة؟
هذا ما أصر عليه البعض.
من هذا البعض، من كان سبق له أن قام بعمار منزله، لكنه أجّل "جلي" البلاط حتى الربيع.

كان الدكتور وحيد يحاول أخذ قيلولة صغيرة بعد أن عاد من المستشفى، فقد نقل جدته، وبقي مع والده إلى أن أُدخلت إلى غرفة العناية المركزة.
سمع صوتاً مدوياً وكأنه انفجار، ركض إلى الخارج وصلت إلى باحة منزله سيارة مسرعة. نزل سائقها قائلاً وهو يلهث: الحقنا يا دكتور... وفيق الديب حط مكنة جلي البلاط على اماية الكهربا... الأماية ما تحملت انفجرت وهلق والعة.
جحظت عينا الدكتور وحيد... ارتفع ضغطه... صرخ بأمه: امي... جيبيلي مي.




Images rights are reserved to their owners