شهرزاد ترسم عالمها

قلتَ أخبريني عن عالمك؟

فقلت...
فـــــــي عــــــالمي
الحيوانـــــــــــــات
تنطـــــق بــالحكمة.


والطيــــــــــــــــور
تمشي على الأرض
بعـــــد أن تُهــــدي
أجنحتهـــــا للبشــر.


أما الأطفـــــــــــال
فيــــــــولدون مـــن

أغصـــان الشـــجر.


والعجــائز لا يمتِّنَ
بــــل يتضــــــائلنَّ
الــــى أن يختفيــن.


فــــــي عــــــالمي
المغنــــــــــــــون 

يصــــــابون بالبكم
.ســـــــاعة ولادتهم



والممثلون يُنحَتون
مـــــن خشــــــب 

مثــــــل بينوكيـــو
وأن أنــــــــــوفهم
تصغــــــر كلمـــا
.كــــــذبوا أكثـــــر



والفلاســــــــفة
عــــــــــــــاهرون
والعــــــــــــاهرات
.يُحاضرنَّ في العفة


 فــــــي عـــــــالمي
شهريــــــــــــــــار
يروي القصـــــص
وينصت مسرور
وشــــــــــــهرزاد
. هـــــي السيـــاف


صرختَ مندهشـــاً
كـــم هذا غريــب
لا أصدقـــــــــــه!



ولكن!.....
هل هي أغـــرب
من قصة اعتزالك
مطـــاردة النساء؟








Image rights are reserved to the owner



















حين راقصها قلبي

دعيتُ الى حفل زفاف أحد الأصدقاء، وعزمتُ على حضوره طبعاً، فلن أخفيكم سراً فأنا أستمتع بحضور كل أنواع الاحتفالات لأنني مولع بمراقبة رقص الحِسان وهنّ يتمايلن بكل الغنج والدلال والغوى الذي جُبلت به
أجسادهنَّ التي تشبه أعواد الزنبق. كم أصبحتُ أحب الورود على أنواعها لأنها تختال أمامي كقدِّ صبيةٍ حسناء تتمايل على أنغامٍ ساحرةٍ تنطلق من آلةٍ لا تقل نعومةً ورقةً وعذوبة عن قدها.

لكن أرجو منكم أن لا تسيؤا الظن بي، فأنا إنما أحب مشاهدة الرقص كفنٍ بحد ذاته. إذ يجذبني حس المرأة المرهف لدرجة أن يطيعها جسدها، فيتمايل مع روحها على إيقاع النغمات المتلاحقة لترسم بجسدها لوحة من تناغم الروح والجسد.
أراقب كل ذلك في رقص الأنثى، دون أن أحمل لجسدها أي نوايا دنيئة، لا... بل أنا أحترم هذا الجسد المتمايل مع الإيقاع، إنني أحب حالة الطرب التي تصيب الروح وتسيطر على الجسد.

هناك رأيتها... كانت تتمايل وحدها، ثم سرعان ما أحاط بها الجمع تاركين لها الساح.
لم تكن جسدٌ يرقص بل روحٌ تحلق في البعيد، في عالم عجائبي لا صلة تربطه بأي من الحضور، لكأنها كانت تراقص طيفاً تراه هي فقط، ذاهلة معه عما يجري من حولها. لم يكن رقصها رقصاً عادياً كالذي سبق لي أن شاهدته مراراً وتكراراً... فلم يكن تمايل جسدها تمايل الإغواء الكامن في أساس الرقص، بل كان رفرفة روح ملاكٍ يريد الانعتاق من أسر جسدٍ وضع فيه قسراً. 
ووجدتني أتساءل مع ذاتي... إن كانت روحها تريد الانعتاق من أسر الجسد، ترى الى أين تريد الذهاب؟ أم أن وجهتها إنسانٌ
بعينه؟ رجل؟... أين هو إذن؟... لما يتركها وحدها؟

إنتهت رقصتها البديعة، فعادت أدراجها بهدوء، مخلفة وراءها ساحة رقصٍ استعادت صخب راقصيها الكثر.



استمريتُ بمراقبتها، كما كنت أفعل منذ قليل، محاولاً استشفاف أي تعبير على وجهها، لكنها ما زالت تحمل ذات النظرة الساهمة، المتطلعة الى  البعيد، أو ربما هي متطلعة الى الداخل. داخلها الغامض الذي ما استطعتُ تبين لونه في ملامحها.
كانت إن حدثها أحد تبتسم بتحفظ يضع مليون حاجز بينها وبين محدثها.
وابتسامتها المتحفظة كانت أكثر سحراً من أي ابتسامة رأيتها في حياتي.
آآآآآآآآآآآآآآه من ابتسامتها كيف تموت على شفتيها، حين تضبطني متلبساً بمراقبتها.

قررتُ أن أكتشف هويتها لأعرف سرها، حتى لو قضيتُ العمر كله وأنا أقتفي أثرها.

عرفتُ عنوانها بعد أن تبِعتُ سيارتها طويلاً، لقد كان منزلاً بعيداً في منطقة نائية... ذكرني موقعه بأديرة الراهبات وصوامع النساك.
ابتلعها ظلام الحديقة الصغيرة، ولم يبقَ لي منها سوى صورة شعرها الحريري الذي يلوح مع الهواء... ونفحة من عطرها.

... وجدتني صباحاً أقف أمام سور حديقتها، آملاً أن ألمح طيفها بعد ليل شديدة السواد قضيته مؤرِّقاً. لم ألمح إنسياً في الحديقة، حتى لخلتُ أنني كنتُ أحلم، وأن المنزل خالٍ من البشر... الى أن كان العصر، رأيتها تخرج من منزلها وتتجه الى زاوية في الحديقة.
قرعتُ جرس بوابة الحديقة، وأنا أحمل باقة وردٍ ذبُل من طول الانتظار.
اتجهتْ نحو البوابة وثوبها الحريري الأبيض يتراقص مع الهواء... نظرت إليَّ بوجه نظيف من الزينة، لم يرتسم عليه أي شعور بالدهشة أو المباغتة أو حتى النفور. كان كليلة أمس، وجه لا تعبير فيه، مجرد عينين تنظران الى عالم خيالي، أو لكأنهما تنظران الى داخلها.
أشارت ناحية الحديقة، وتقدمتني فتبعتها كمن يتبع قدراً لم يتبين ملامحه بعد.

جلستْ على مقعد، فجلستُ بجانبها وقالت دون مقدمات:
- إن روحي منذورة له وحده أمير عمري وسيد قدري... هو حبيبي، وكل الرجال بعده... إشاعة.

وتركتني مذهولاً ومرتبكاً وذليلاً...
غادرتْ وشالها يتطاير في الهواء، كيدٍ تلوَّح مودعة!
وأغلقت بابها بهدوء... ربما كي لا تزعج أميراً نائماً في عالمها السحري.
                                                      
  

                           Images rights are reserved to their owners