حدث عام 2030


دخلت الخادمة إلى غرفة شابٍ في العشرينات من عمره وقالت: حسام والدتك تنتظركَ في الصالة.
أطلق حسام تنهيدة طويلة وقال لنفسه: أرجو أن يكون لديها جديد.

سارعت إلى عناقه بيدين مفتوحتين، قبّلها وسألها عن صحتها.
جلستْ بخيبة أملٍ بادية على محياها وقالت: كالمعتاد يا حسام... تعاملني بتهذيب كغريبة، لكن من دون لهفة.
أجاب برقة: هل ينقصكِ شيء يا أماه؟ هل أنتِ بحاجة لأي شيء؟
أجابت بسرعة: تنقصني أنت!
فأجاب: وهل تأخرتُ عنكِ يوماً!
قالت بمرارة: تأخرتْ في الانضمام إليَّ... مكان الولد كنف أمه.
أجاب بصوت خفيض: مكان الولد كنف أبويه... واسمحي لي يا أماه أنتِ خرجتِ من المنزل بإرادتك ولم يطردكِ أحد حسب علمي.
أجابت بتوسل: كنتُ أبني مستقبل أفضل لي ولك.
فأجاب بتساؤل: بأن تتخلي عني؟
انحدرت دمعة على خدها وقالت: لم أتخلَ عنك، اضطررتُ للسفر كي أكمل دراستي لكن والدك رفض أن ينتظرني.
أطلق تنهيدة طويلة وقال: أنتِ اخترتِ أبحاثكِ العلمية ورسالة الدكتوراه، فهل كان على والدي أن ينتظركِ كل هذه السنوات.
أجابت بمرارة: لكنني عدتْ!
قال بما يشبه السخرية المريرة: أجل عدتِ بعد عشر سنوات...
أمسكت بوجهه بين يديها وقالت: لكنني عدتُ لنكون معاً... عدتُ من أجل أن أساعدك على دخول أفضل جامعات العالم.
أنزل يديها برفق وأجاب: أنتِ عدتِ لإثبات ما أردتِ دوماً إثباته لنفسك، ولأبي... وهو أنك كنتِ على حق في خيارك... لا أمي.. أنتِ لم تكونِ على حق أبداً. فلا أنا بحاجة لنجاحك ولا لمركزك العلمي كي أدخل إلى أي جامعة، فأنا متفوق في دراستي وبإمكاني أن أحصل على منحة في أي جامعة أشاء، هذا عدا عن إمكانيات والدي المادية والحمد لله لتمويل دراستي.
قالت وهي تنشج بالبكاء: لن تسامحني وتأتي للعيش معي؟
قال بهدوء ووقار: أنتِ أمي وطبعاً أسامحك، فهكذا رباني أبي، رباني على البِر والتقوى، فلكِ احترامي وروحي لو اقتضى الأمر. لكن حبي وولائي وطاعتي ستبقى لأبي.
قالت بحنق: هل أفهمك أنه يحبك أكثر مني؟
قال بشيء من الحدة: ما زلتِ متحاملة كما عهدتكِ... للأسف لم تغيركِ الأيام! هي الأيام والتجربة التي أفهمتني أنه رجلٌ أفنى شبابه في تربيتي، ولم يفكر ولو للحظة واحدة أن يسيء إليكِ بكلمة. هو الذي لم يفكر مرة أن يتزوج مع أنكِ خذلته وتخليتِ عني وعنه وهو في عنفوان شبابه.









Image rights are reserved to the owner



 








5 comments: