أزقة الذكريات


صعدتُ قطارَ الزمنِ، وجلتُ على متنهِ في أزقَّةِ الذكرياتِ.
رأيتُني هناكَ طفلةً تُشعُّ ابتسامتها، وهي تسرِّحُ شعرَ لعبتها.
سألتها عن اللعبةِ الحبيبةِ ذاتِ الضفائرِ الذهبيةِ؟!
ذرفت دمعتينِ وآهةً، وقالت: قتلتها الحربُ.

رأيتُني يافعةً ترقصُ في شرفةِ القمرِ، على أنغامِ لحنِ حبٍ أسمعُها إياهُ ابنُ الجيرانِ.
سألتها عن فرحةِ اللقاءِ؟!
ذرفت دمعتينِ وغصةً، وقالت: اغتالوا براءتَه، وحرمونا دهشةَ القُبلةِ الأولى.

رأيتُني صبيةً خبأت حبها الأول في زجاجةِ حبرٍ، وكتبته أبجديةَ حبٍ.
سألتها عن القصائدِ؟
أدمعت عيناها، وأجابت: طمرتها أرطالُ التفاهاتِ التي يبثُّها شويعِروا* هذا الزمنِ.

رأيتُني في مدرجاتِ الجامعةِ، وبين يديَّ "مقدمة ابن خلدون"
سألتها عن الآمالِ الكبيرةِ؟!
بكت ابنةُ الخذلانِ، وقالت: اغتالوا أحلامي... أماتوا طموحي... وحولوني إلى قهرٍ بملامحِ إنسانٍ!

على ناصيةِ الحلمِ التقيتُني ولم أعرفني... ابتسمت هي في وجهي الساذجِ.
صاحت بحنجرةٍ من وجعٍ: ألم تعرفيني يا ابنةَ التيهِ؟! أنا/أنتِ... أنتِ/أنا.
بكيتُ مع نفسي... على هوى/غوى صبيةٍ، شابت خُصلُ شعرها... يَبست سنابلُ القمحِ في عينيها.


*شويعِر: تصغير شاعر، وذلك تقليلاً لشأن كتاباته.







 Image rights are reserved to the owner




No comments:

Post a Comment