الحب في زمن كورونا


تعيش منى وحدها في منزل العائلة، فهي يتيمة الأبوين، وجميع
أخوتها مهاجرون في بقاع الأرض، تجاوزت الأربعين من
عمرها ولم تتزوج بعد، كانت متفرغة لكتابة قصص الأطفال، إلى جانب عملها في تعليم 
الموسيقى في معهد الموسيقى للأطفال بين سن الخامسة والعاشرة، على آلات النفخ.
يعرف جيران منى عشقها للقطط، إذ كان من عاداتها اليومية، أن تفتح باب المدخل صباحاً لتضع طعاماً لقطةٍ كانت تتنقل بين طوابق العمارة.

ذات يومٍ وللأسف الشديد، شخَّص الطبيب حالتها بأنها أعراض
الكوفيد 19. حجرت منى نفسها في المنزل، ومنعت أي شخصٍ من أقاربها أو أصدقائها من زيارتها، واكتفت بأن تتلقى مخابراتهم.
شغل أمر غيابها جارها حسام. فرغم أنهما لا يتكلمان إلا نادراً،
ويكتفيان بإلقاء التحية، لكنه حار بأمر غيابها، وترْك القطة على
السُلم جائعة تزعج الجيران بموائها. بعد أن طال غيابها أيام متتالية، قرر أن يطرق بابها مهما كان الوضع حرجاً.
فتحت منى الباب قليلاً وقالت وهي تقف خلفه: من؟...
فأجاب حسام: أنا حسام جارك، لقد لاحظتُ غيابكِ فشعرت
بالقلق... هل تواجهين مشكلة؟
فقالت بصوتٍ متعَب: آسفة لا أستطيع أن افتح الباب أكثر...
فأنا مصابة بالكورونا.
صعق حسام وقال: هل ذهبتِ إلى الطبيب؟... هل تحتاجين
للذهاب إلى المستشفى؟
شكرته منى وقالت: لا... لا داعي للمستشفى فالطبيب يتابعني
وحالتي لا تستدعي ذلك.
رجاها أن تقبل التواصل معه عبر الهاتف. أعطاها رقم هاتفه وحصل على رقمها.
ولم ينتظر أن تأخذ المبادرة لتطلب منه أي خدمة. أصبح كل يومٍ يضع على بابها أغراضاً يمكن أن تحتاجها. ويتواصل معها عبر الواتساب.
بدأ تواصلهما يطول، والأحاديث تتشعب.
شهرٌ كامل من الحجر المنزلي لمنى، أصبحا حسام وهي،
صديقين مقربين، كما لو أنهما كانا كذلك طول العمر.

انتهى الحجر المنزلي لمنى، وبدأت الحياة تدب في شرايين البلد
رويداً رويداً.
اقترح عليها ذات يومٍ مشمسٍ أن يقصدا كورنيش البحر ليمارسا
رياضة المشي ويتناولا بعدها الفطور وقهوة الصباح... فوافقت.
هناكَ طلب يدها للزواج...

كورونا... مهما ضيقتِ الخناق على قلوبنا، لن نتوقف عن الحب.



Images rights are reserved to their owners


No comments:

Post a Comment