رئيس البلدية


الجزء الثاني

ذات ليلة ماطرة لم تنم الجدة، ولم ينم أحد، كانت تروي روايات عن صباها، عن خطَّابها... عن الدبكة على البيدر... عن مقصوفة الرقبة عايدة اللي استعارت منها الفستان وخزقتو... وعن... وعن...

ذهب إلى الجامعة برأسٍ مثقل بالصداع، ووجه واجمٍ لم يعتده طلابه. لكنهم احترموا صمته ووجومه ولم يثقلوا عليه بأسئلتهم.
عاد ظهراً متعباً... مرهقاً... يلمع الصداع برأسه كالبرق. لكنه رسم البسمة على وجهه ودخل المنزل.
جلس مع أبويه إلى طاولة الغداء وأكل لقيمات قليلة.
قالت والدته: الهيئة ستك جاييها عقل الرحمن ونايمة، قوم نملك شوي انت كمان.
هز برأسه وقام من فوره. ما ان بدأت تباشير إغفاءة تزور عينيه حتى سمع صوت بلبلة في الخارج.
لم يهتم، وحاول إكمال نومه... لكن لحظات ودخل عليه والده، وأيقظه بهدوء وقال: يا ابني يا وحيد هيدا حسون سواق البوكلين طلع على محطة المي وكسر السكر والمي منوفرة قوم شوف شو بدك تعمل على بكير!!!


يوم إجازته الربيعية، نقل خمسة أطفال إلى المستشفى على دفعات. الأشقياء... الأول وقع عن الشجرة... الثاني وقع عن الدراجة... الثالثة تعاركت مع الرابع بالعصي وجرحا بعضهما... أما الخامس فقد أدخل عصا عش الدبابير...
"وأين الراحة يا الله من جيل الانترنت هذا الذي يعتقد نفسه شخصية في لعبة الأيباد؟! لا يهاب شيئاً... ولا يردعه رادع؟ وأي تربية هذه؟!

عندما يحل الربيع تبدأ النهضة العمرانية في القرى والبلدات، والكل يبدأ مشاريع لتحسين منازلهم وتجميلها.
لكن هذه النهضة العمرانية كانت وبالاً على الدكتور وحيد، فمنهم من بدأ بحفر الأساسات دون رخصة، وهذا ما جعل رجال المخفر يقومون بزيارات دائمة للقرية، ويختلفون مع الأهالي مما يستدعي تدخل رئيس البلدية لحل الإشكالات، وعقد اجتماعات مع الأهالي لتوضيح الصورة، بأنه لا يحق لهم البدء بحفر الأساسات ولا بالعمار قبل الحصول على رخصة البناء.
فما الضير أن نبدأ، وفي نفس الوقت نتقدم بطلب للحصول على الرخصة؟
هذا ما أصر عليه البعض.
من هذا البعض، من كان سبق له أن قام بعمار منزله، لكنه أجّل "جلي" البلاط حتى الربيع.

كان الدكتور وحيد يحاول أخذ قيلولة صغيرة بعد أن عاد من المستشفى، فقد نقل جدته، وبقي مع والده إلى أن أُدخلت إلى غرفة العناية المركزة.
سمع صوتاً مدوياً وكأنه انفجار، ركض إلى الخارج وصلت إلى باحة منزله سيارة مسرعة. نزل سائقها قائلاً وهو يلهث: الحقنا يا دكتور... وفيق الديب حط مكنة جلي البلاط على اماية الكهربا... الأماية ما تحملت انفجرت وهلق والعة.
جحظت عينا الدكتور وحيد... ارتفع ضغطه... صرخ بأمه: امي... جيبيلي مي.




Images rights are reserved to their owners








 


No comments:

Post a Comment