رئيس البلدية


الجزء الأول

د. وحيد... وحيد أبويه، وُلد بعد طول انتظارٍ.
نال شهادة الدكتوراه في الأدبِ الإنجليزيِّ من الجامعةِ اللبنانيةِ.
يُجمع أهلُ القريةِ على حبهِ واحترامهِ، واختاروه لمنصبِ رئيسِ البلديةِ، ففاز برئاستها بالتزكيةِ.

فريد، شرطيُّ البلديةِ، من أكفأِ الرجالِ لهذا المنصبِ، يقومُ بمهماتهِ بكلِّ صبرٍ ومحبةٍ، لا يتأخر عن أيِّ مهمةٍ، ولا يتأفف من تقديمِ أيِّ خدمةٍ أو مساعدةٍ لأيِّ فردٍ من أبناءِ القريةِ. فقط أطلب رقمه وقل "يا فريد"، فتراه بعد ثوانٍ أمامك.

سافر فريد في رحلةِ شهرِ العسلِ، وترك د. وحيد ليحمل بمفردهِ أطنانَ المشاغلِ على كاهلهِ.
كانت أولى مهام د. وحيد جدتهُ لأبيهِ المريضةِ، التي تُنقل إلى المستشفى شهريًا ثلاثَ مراتٍ على الأقلِّ. هي عجوزٌ فاقدةٌ للذاكرةِ، تتكلم مع الموتى ولا تتعرف إلى الأحياءِ. ود. وحيد وأفراد العائلة لا يكادون يأخذون قسطًا من الراحةِ طالما هي في المنزلِ تخاطب الأموات وتستحضر أطيافهم.
بعد سفرِ فريد، لم يعد د. وحيد يجد دقيقةَ راحةٍ. هو الرجلُ الثلاثينيُّ الذي يرفض الزواج لشدةِ تقديسه للهدوءِ والسكينةِ.

يستفيق الدكتور وحيد فجراً ليصل إلى جامعته وقت المحاضرة تمامًا، ثم يعود إلى قريته ليتولى جميع المهام التي كان يقوم بها فريد.
يدور على الأحياء لفتح "عيارات مياه الشفة"، ثم يعاود الدوران ثانية قبل منتصف الليل لإغلاقها.
في يوم الثلجة الكبرى قضى الدكتور وحيد يومه وراء مقود الجرافة، يفتح الطرقات وينقذ السيارات العالقة. يومها لم يبق أحد لم يزر القرية ولم "تغرِّز" سيارته في الثلج، وهاتف د. وحيد لم يسكت عن الرنين.

ذات يومٍ باردٍ جليدي، عاد من جامعته وهو يحلم بقيلولةٍ قصيرةٍ تعيد له نشاطه. ما إن تمدد على سريره حتى سمع رنين الهاتف. لحظات ودخلت والدته وهي تقول باضطراب:
-يا ابني يا وحيد... اتصل أبو قاسم وقال إن بنت أبو أمين عملت حادث سيارة، وفاتت بغرفة تقوية الإنترنت، والبنت غميانة... بدهم الإسعاف.
وهو يرتدي ملابسه كان يبرطم ويقول "ولِشو بيسلموا السيارات لأولاد بعد ما طلعوا من البيضة؟"
وطار النوم من عينيه.

نقلها إلى المستشفى، وأمها تزعق طوال الطريق فوق رأسها.
أمضى الدكتور وحيد عدة أيام في إصلاح الغرفة ومراسلة أوجيرو لإصلاح تجهيزات غرفة تقوية الإنترنت.







Images rights are reserved to their owners






No comments:

Post a Comment