الجزء الثالث والأخير
عاد يومًا من الجامعة منهكَ القوَى، رفض أن يتناول الغداءَ، قال إنه سينام قليلاً قبل أن يأكل، فهو يكاد يغفو وهو واقفٌ.
تمدد على سريره، وما كاد يغمض عينيه حتى سمع عويلاً في الخارجِ.
نهض مذعورًا وخرج من الغرفة راكضًا، فوجد امرأةً تولول على باب المنزلِ وتقول "بدي الإسعاف... جيبوا الإسعاف بسرعة..."
كانت أم وحيد تحاول تهدئتها.
فقال الدكتور وحيد بذعرٍ: شو في... شو صار؟
فقالت المرأة: كان أمين عم ينقب الأرض بالبوكلين، لكز حيط الجنينة عنا، وقعت الحجارة على ابن خيي رامي وهو عم يفرفر مثل الدجاجة المدبوحة.
قاد الإسعاف وهو يقول "الله يرجعك بالسلامة يا فريد، قديه كنت شايل عني وما كنت عارف قديه عم تتعب."
وعاد فريد من شهر العسل، حضنه الدكتور وحيد طويلاً وشكى له ما فعلت به الأيام في غيابه، فضحك فريد وقال له:
مشاكل الناس بهالضيعة ما بتخلص، اتركلي ياهن أنا بفهم عليهن. خلص ارتاح ولا يهمك... وأنا إن شاء الله ما بقصِّر.
من عجائب الأيام أن هاتف الدكتور وحيد لم يرن اليوم... فلا مشاكل في القرية... ولا أي أمر يستدعي تدخله.
بادرة خير، شكرًا يا الله والحمد لك على نعمتك وعلى عودة فريد سالماً.
"الله لا يحرمني منك يا فريد."
وصل إلى المنزل وجده هادئًا، فالجدة في المستشفى، أخذ حمامًا ساخنًا، تناول غداءه بهدوء... وذهب إلى النوم.
ثقلت جفناه... خف جسده... بدأت الملائكة ترفرف حوله... وقبل أن يغط في النوم العميق نادته والدته: يــــــــــا وحيد !
استفاق مذعورًا ليجدها فوق رأسه والدموع في عينيها.
فصرخ: شو في؟
فقالت: اتصل بييك من المستشفى... ستك توفت... قال انزل أنت وفريد بسيارة الدفن لتجيبوا الجنازة!
Image rights are reserved to the owner
No comments:
Post a Comment