ماذا لو؟...


عَزيزي آدَم...
صاحبُ الطيفِ الأجمَلِ...
الغائبُ/ الحاضرُ... الذي هو في غيابهِ، أكثرُ جمالاً في روحي مِن الجميعِ.

تقولُ فيروزُ في أغنيتها من كلماتِ وألحانِ الأخوين رحباني:
سوا ربينا سوا مشينا
سوا قضينا ليالينا
معقول الفراق يمحي أسمائنا
ونحنا سوا سوا ربينا


ماذا لو أننا "سوا ربينا"؟...
ماذا لو أن قدرنا جمعنا طفلين على طاولةٍ واحدةٍ، في تلك المدرسةِ العتيقةِ، التي قضيتُ فيها سنيَّ طفولتي؟... ماذا لو أنكَ - يا رفيقي- كنتَ زميلَ مقعدٍ في جامعةٍ بنيتُ فيها أحلامي؟

منذ أن نقرتَ ذاكرتي، وأنا أسأل نفسي، هل أنتَ متزوج؟... هل أنتَ أب؟... كم عددُ النساءِ اللواتي عبرنَّ في حياتكَ؟... هل تركت إحداهنَّ أثرًا ما في روحكَ؟... هل تزوجتَ عن حب؟... أم...؟
هل تذكرني من حينٍ إلى آخر كما أذكرك؟ ويبقى السؤالُ الأكبرُ والأكثرُ وجعًا... هل الَّحُّ على ذاكرتكَ الآن- بعد أن بلغنا خمسيننا- كما تلحُّ أنتَ على ذاكرتي؟... فهل هي إشارةٌ من القدر؟... أم هي مجردُ دعابةٍ سمجةٍ من الزمن؟

ماذا لو أن الحربَ المجنونةَ لم تفرقنا؟... ماذا لو أنها لم تشتعل!؟... لو أنها لم تشتعل!؟... هل كنا لنلتقي؟!
أجل كنا لنلتقي... ولكن بشكلٍ أكثرَ حضارةٍ من الوحشيةِ التي مارسها عليَّ التهجيرُ، حين أوجدني- طرفةَ عينٍ من الزمن- في جواركَ ثم رمى بي إلى البعيد!... بعيدًا عنك وعن احتمالِ قصةِ حبٍ لم تكتمل فصولها.
لأقضي العمرَ رهينةً للانتظار... انتظارَ أن تنتهي الحروب.

لو أننا لم نفترق...
أخالُنا قد أصبحنا حبيبين في أروقة الوطن، نناضل معًا من أجل رفعِ ركامِ العمرِ الذي دمرته مدافعُهم، حيث اغتالوا طفولتنا وتركونا على قارعةِ القدرِ الأحمقِ نصارع كي نستمر على قيد الحياة!
لو أننا لم نفترق... أخالنا الآن- والكهولة باكرًا طوقت شبابنا- يدًا بيدٍ نكافح الأحزان معًا، تسندني في أحزاني، وأساندكَ في جهادكَ الأكبر.

لو أننا لم نفترق!...
الغصةُ في قلبي... والحنينُ يكفكف دموعَه على قارعةِ الفراقِ.
فلو أننا لم نفترق لكنتَ الآن معي، نستقبلُ المساءَ معًا على شرفةِ لقاءاتنا، تؤنبني لأنني أسرفتُ في شرب القهوةِ، وأضربكَ على يدكَ كلما حاولتَ أن تشعلَ سيجارةً... ونضحكُ مَلء الحنين ونحن نروي حكاياتِ الزمنِ الجميلِ.

عَزيزي آدَم...
صاحبُ الطيفِ الأجمَلِ...
آدَمُ (ي)... أنتظركَ...
وإلى أن نلتقي...
أطلقْ سراحَ طيفكَ، لعلي ألقاهُ على قارعةِ صدفةٍ، فأخبره سرَّ الوصولِ إليَّ.





Image rights are reserved to the owner

 

No comments:

Post a Comment