مع مرتبة الشرف


قال موظف المطار بفرنسيته المتقنة: آسف لقد ضاعت حقيبتك.
فشكرته بفرنسيتي الركيكة.
طلب مني بفرنسيته المتقنة أن أرافقه إلى الإدارة لتحرير شكوى.
ومجددًا شكرته بفرنسيتي الركيكة، ورفضتُ تقديم شكوى!
حاول أن يشرح لي الموقف، معتقدًا أنني لم أفهمه بسبب ضعف لغتي الفرنسية، لكنني أكدتُ له أنني فهمته جيدًا، حقيبتي قد ضاعت، وأنا لا أبالي لفقدانها، فما نفع الحقيبة وأنا قد أضعتُ الطريق.

تركته غارقًا في ذهوله، وفمه مشدوه حتى آخر قطرة غباء على شفتيه.
 التفُّ إليه وهو على تلك الحال وقلت صارخة: لا يهم أن أجيد لغتك، وأن تجيد لغتي، فبيننا سوء فهم ثقافي أيها الذكر.

ووجدتني في مطار الغرباء كمتسولة، ليس لي من المتاع سوى جراب مليء بالأحزان والدموع. وعلى كاهلي ذاكرة لها منقار نسر ينقر جرحي النازف الذي يأبى أن يتوقف عن نزف القيح وغثيان القرف.
نظرتُ الى وجوه الغرباء التي ليس لها ملامح، أين أنا؟ ومن أنا؟
وأين كنتُ قبل أن أحضر إلى هنا؟

سألتني المرأة الغبية التي تنام طويلاً في أعماقي عما أفعله وحدي في البلد الغريب؟
فقلت لها أن الزمن قد منحنا وسام الاستحقاق مع مرتبة الشرف في فن الغباء والحماقة، فللمرة الثانية نتلقى طعنة العشق المسمومة من يدٍ ما أرادت سوى تجريدنا من كبريائنا، وتوجيه طعنة إلى قلبنا الذي ما طلب سوى الدفء في زمن الغربة والصقيع.
يا صاحبة الكبرياء والعظمة، يا ذاتي، هنيئًا لكِ تاج "الحمرنة" مع مرتبة الشرف.





Image rights are reserved to the owner















No comments:

Post a Comment