"اذهب بي إلى هناك... أريدك أن تدفن رفاتي إلى جانب والديَّ".
لفظ العجوز أنفاسه وهو يشير إلى الدُرج المجاور لسريره.
لبرهة لم يعرف الشاب ماذا يفعل!
بالكاد استوعب أن جده الحبيب قد فارق الحياة.
فتح الدُرج، فوجد ملفًّا مُصفرًّا قديمًا، فتحه فوجد سرّ جده!
فتح الدُرج، فوجد ملفًّا مُصفرًّا قديمًا، فتحه فوجد سرّ جده!
على ورقةٍ رسميةٍ دمغها الجدُّ بختمه وتوقيعه وصية مختصرة "بعد موتي، يرث حفيدي المايسترو العالمي "حبيب سلمان' المزرعة في أعلى الجبل المُطِل على قريتي في لبنان".
وصل جثمان العجوز إلى قريته عصر يومٍ ماطرٍ شديد البرودة، يرافقه حفيده حبيب وعدد من أبناء عمومته.
شاركهم في مراسم الدفن الضابط رئيس المخفر وعناصره، أما سكانُ القرية فلم يظهر لهم أي أثر!
بعد انتهاء مراسم الدفن، زار الضابط منزل المايسترو وأخبره أن أهل القرية واجمون غلاظ، يتقاتلون لأوهى الأسباب إلى أن تسيل الدماء!
كما حذَّره من التعامل معهم، فهم حقًا أجلاف!
لكن!... سكان القرية وصية جده، ففي رسالة وجدها داخل ملف الوصية ألح عليه الجد أن يعتني بأهل القرية ويرعى شؤونهم؛ ففي أجواء القرية لعنة أزلية تنشر الهمَّ والغمَّ في الهواء!
بعد طول بحث ودراسة للوضع النفسي والاجتماعي لسكان القرية، قرر المايسترو حبيب أن يستخدم "الذكاء الاصطناعي" لمساعدته في علاج هذه الحالة الغريبة.
استعان بخبير تكنولوجي، صمَّم له بتقنية الهولوغرام عازفًا مطابقًا له في الشكل، وأطلقه في سماء القرية يعزف ألحانًا متنوعة.
بدايةً... ساد الرعب، واختبأ السكان في أقبية المنازل!
إلى أن...
بعد أسبوعٍ من المحاولات، خرج طفلٌ في غفلةٍ من الأعين وضحك!... تبعه أطفالٌ آخرون. فخرج إليهم المايسترو... ورقص!
تجمهر سكان القرية لمشاهدة ما يحصل!
"أي شيطانٍ يسكنهم!" كهذا صاحت عجوز.
حاول رجلٌ عجوز أن ينهر الأطفال بعصاه الغليظة، فزاد هرجهم وتجمهروا حوله وهم يتقافزون ويضحكون.
أمسك به المايسترو وقال: دعهم، إنَّ الفرح خُلِق للأطفال.
بعض الأمهات الشابات لفتهنَّ فرح أطفالهن فشاركْنهم الفرح... ابتسمنَّ بخجل بدايةً، ثم ضحكنَّ وأطفالهنَّ يشجعونهنَّ على الرقص معهم.
بدأ البعض يتبادل التحيات والابتسامات بخجل. صبيةٌ زينت رأسها بوردة... شابٌّ تقدم من المايسترو ورقص معه.
بدأت بعض النسوة يشاركنَّ المايسترو الرقص... حتى أن عجوزًا صفقَت عندما تقدم شاب وراقص جارته الشابة.
مضى عام...
اتسعت دائرة المعجزات والعجائب، وكأن أحدهم رمى حجرًا في بركة راكدة!
في رسالة أرسلها رئيس المخفر إلى مديرية قوى الأمن أعلن "لم يعد سكان القرية يتقاتلون!"
وتناقلت وسائل الإعلام خبر المايسترو العالمي حبيب سلمان، الذي أخذ على عاتقه نشر الفرح في ربوع قرية ورثها عن جده المهاجر، والتي لطالما ذاع صيت سكانها بأنهم غلاظ أجلاف.
أول سؤال طُرِح على المايسترو حبيب سلمان في برنامجٍ تلفزيوني استضافه للإضاءة على حادثة القرية كان "ما سرِّ ما قمتَ به في قرية جدك!؟ وهل حقيقة استطعتَ أن تُبطل مفعول تعويذة جعلتهم بهذه الجلافة وغلاظة الطباع!"
ابتسم وأجاب: لقد كان سكان القرية تحت تأثير خرافة توارثوها منذ عقود، تزعم أن منجّمة غجرية لعنت سكان القرية منذ 100 عامٍ بسبب طردها مِن قِبل رجلٍ متنفذٍ كان يسكن القرية يومها!
لكن الحقيقة أن ذاك المتنفذ، رفض دخول الغجر إلى القرية يومها بسبب كرهه الشديد للفرح والفن.
وهكذا... فقد السكان أي معنى للحياة، وتحولوا إلى مجموعة من الهمج، يتوارثون الجلافة جيلًا بعد جيل.
كل ما فعلته، أنني حركتُ مكامن الأحاسيس فيهم، وأيقظتُ المشاعر البشرية في دواخلهم، فأصبحوا ما أراده لهم جدي منذ أن غادر القرية، وقد أقسم على شرائها وتحرير سكانها من جبروت عائلة ذاك المتنفذ، وتحريرهم من تعويذة/لعنة لا وجود لها إلا في عقولهم.
Image No1 rights are reserved to Johanne Cullen
Image No2 rights are reserved to jody hewgill
Images No3-4 rights are reserved to
their owners
No comments:
Post a Comment