كرنفال الموت


تأخذني الحرب من يدي

إلى كرنفالِ الموت

أرى شياطين ترقص

فوق أشلاء الأطفال...

أزأر كلبؤة

تدافع عن صغارها.



أرفع راية الغضب

أتمسك بحبلِ سرَّتي

لعله يعيدني إلى رحم أمي

يقطعه أبناء ليليث*



أتساقط أشلاءًا

من قهرٍ ودماء

يرفع العدو كؤوسًا

مترعة بدمي

ويشربون نخب موتي.



تحت الأنقاض

ذرةٌ من هشيم رحمي

ينفخ الله فيها من روحه

فألدُ... مقاوم.



في كرنفال الموت

تتناسل الدماء

ليطلع من أشلائنا

ألفُ... ألف مقاوم.





* ليليث: شيطانة ترافق الريح والعواصف حسب أساطير بلاد الرافدين، وأُعتِقُد أنها تحمل المرض والموت. تظهر ليليث في المعارف اليهودية باعتبارها شيطان الليل، وكبومة نائحة في طبعة الكتاب المقدس.



Images rights are reserved to their owners

جنون


أترصَّده منذ أسابيع، وهو في عزلته متقوقع على نفسه، ولا يعيرني انتباهًا. 
لجأتُ إلى هذه القرية الوادعة منذ حوالي شهرين، بعد نصيحة صديقي الناشر بأن أسافر أو أبتعد عن المدينة، لعلني أجد حلاً لما أسمّيه ب "حبسة" الكاتب. فمنذ مدةٍ وقلمي عقيم، توقفتُ في منتصف الرواية التي أؤلفها... نضبت أفكاري!
وإلهامي... أصبح حبيبة صعبة المنال!

لجأتُ إلى قريةٍ نائيةٍ في أقاصي الوطن، بالكاد يبلغ تعداد سكانها المائة شخص، قرية عجائز لا شباب، لعل أصغرهم في الستين أو السبعين من عمره.
بدأتُ ألاحظ مروره وهو يُحادث نفسه!

سألتُ عنه، فأخبروني أنه "مجنون" ظهر في القرية منذ عقودٍ طويلة، يعيش في عزلة، لا يقترب من أحد، ولا يؤذي أحد.
قررتُ أن أعرف سره.
لا... ليس تطفلاً، لكنه فضول الكاتب الذي يعشق الحكاياتِ وفك أزرار أسرارها.


تبنيتُ عادة الجلوس فوق صخرة ملساء في أقرب نقطة من كوخه، حيث لا بد أن يراني. كنتُ أفتح اللابتوب لأوهمه أنني أكتب... أتكلم بصوتٍ عالٍ وأتناقش مع نفسي وأبتكر قصصًا عجيبة بهدف لفت انتباهه.
مضى الشهر وأنا على هذه الحال. إلى أن...

قررتُ أن أتصرف بجنون... لعل وعسى.
فتحتُ اللابتوب على صورة امرأة وبدأتُ أبكي وأنشج:
لماذا؟... لماذا خنتني مع أقرب أصدقائي؟... يا لكِ من عاهرة أيتها الحبيبة...

وأنا على هذه الحال أبكي وأندب حظي، فإذا به يحضر!
نظر إليَّ كما لو أنه ينظر إلى جرو جريح.
مسحتُ "دموع التماسيح" عن وجنتي، وأنا أحاول إخفاء فرحتي بحضوره.
جلس إلى جانبي بصمت. 
فقلتُ له وأنا أشير إلى الصورة: الخائنة لقد هجرتني بعد أن أخذت أموالي... خانتني مع أقرب صديقٍ لي.
نظر إليَّ وفي عينيه جلمود صخر وقال: اهدأ... هل ستولول من أجل سراب!!
أخذتني الحماسة فسألته: هل عرفتَ الحب يومًا؟...
أجاب: مصيبتكم أنتم الشباب أنكم تعتقدون أن علاقاتكم الغرامية هي محور الحياة... ومحور المصائب...
فقلتُ: أليست كذلك؟
نفخ ضجرًا وقال: ما هي مهنتك؟
قلتُ: كاتب... أحاول أن أكتب روايتي الثالثة.
تأملني باهتمام، ثم قال: هل تريد أن تسمع قصتي؟
أجبتُ بحماس: طبعًا... طبعًا...

لكنني استدركتُ الموقف بسبب النظرة التي رمقني بها، وقلت: أقصد إن كنت لا تمانع أن ترويها لي.
فقال: أعرف انكَ فضولي، وأنكَ تريد لفت انتباهي... الآن عرفتُ هدفك، وسوف أمنحك ما تريده... شرط أن تغادر دون عودة عندما أنهي حكايتي.
أجبتُ كولدٍ مطيع: أجل... أجل... كما تريد.
قال بحدة: أَقسِم على أن تختفي بعد سماع قصتي.
رفعتُ يدي وقلت: أقسم أن أختفي بعد أن تنهي قصتك.
فقال موضحًا: أخبركَ بقصتي كي تكتب عن الحرب، يجب أن تقول أن لا منتصر في الحرب، الجميع قتلى... الجميع ضحايا... الجميع متوحش... والجميع قاتل.
نحن لا نبني وطنًا بشن حرب، فالحرب تدمير للبشر قبل الحجر. الحرب تخلفنا مشوهين نفسيًا، معطوبي الآمال والأحلام... تميتُ فينا العزيمة والإصرار، وتختزل طموحاتنا، فنصبح مجرد كائناتٍ تبحث عن هويتها وجدوى وجودها!

لم أفه بكلمة! خوفٌ ما ورهبة تسربت إلى روحي بعد كلامه.
زفر بعمق وأدار لي ظهره، ثم قال وهو ينظر إلى البعيد: أثناء ما أسموه "الحرب الأهلية" في لبنان، كنتُ حدثًا ما كاد شاربه يخط في وجهه، حقنونا نحن الشباب اليافع بسُم اسمه الآخر، الآخر يكرهك... الآخر يحقد عليك... الآخر يريد أن يقتلك... الآخر يعمل من أصل مصلحته لا مصلحة الوطن... الوطن لنا... الآخر يرهن الوطن لمصلحة الغرباء... الآخر... الآخر...

ثار الشيطان في دمِ حماسنا، فحملنا السلاح في وجه آخر، لم نكن نعرف عنه أي شيء! بل لم نكن نعلم من هو هذا الآخر!


ذات معركةٍ حامية الوطيس بيننا وبين "الآخر"، جاء مَن يخبرني بأن الآخر قد قصف منطقة سكني... وأن جميع أفراد عائلتي قد قتلوا!
كل ما أعيه بعدها أنني لحظة وصلتُ إلى منزلي طالعني وجه شقيقتي الصغيرة ميتةٌ وفي عينيها كل الرعب.

قررتُ أن أنتقم!...
اقتحمنا منطقةٍ يسكنها الآخر. كنا جحافل متوحشة، متعطشة للدماء انتقامًا.
ركلتُ باب منزلٍ وأنا أرفع سلاحي، طالعني أول ما طالعني صبية تحمل رضيعًا، تصرخ وتقول "بترجاك ما تقتلنا... بترجاك ما تقتلنا".
صفعتها فطرحتها أرضًا، وتدحرج الطفل أمامها ولم ينبث ببنت شفة، لعله مات أو أغمي عليه من قوة السقطة...
كنتُ أريد انتقامًا يليق بقتل شقيقتي المدللة، مزقتُ ملابسها وحاولت اغتصابها قبل أن أقتلها. كانت تصرخ وتتلوى... تشتمني... تلعنني... وتلعن الحرب وأربابها...
فجأة... تمثل شبح شقيقتي الميتة فوق رأس الضحية، تنضح دمًا من جميع أنحاء جسدها، تنظر إليَّ برعب وتصرخ... لا... لا...
وقفتُ مذهولاً ومصعوقًا من هول المشهد، ماذا تريد أن تقول شقيقتي!؟
وبلمح البصر، دخل رفيق لي وأطلق النار على الصبية فأرداها قتيلة!



عندما نظرتُ إلى وجهها، كانت ملامحها ملامح شقيقتي، عيناها تنظر برعب ودمها يفور من رأسها...
أقسم بالله أنني سمعتُ صوت شقيقتي يصرخ "عليك اللعنة... عليك اللعنة".

فررتُ من المكان راكضًا... ركضتُ مدة يومٍ كامل أو لعله عامٌ، لا أدري. كل ما أدريه هو أنني وجدتُ نفسي ممددًا تحت شجرةٍ وأكاد أموت من شدة الحمى.

نجوت... للأسف نجوت لا أدري كيف حصل ذلك؟ ربما يريد الله أن يعاقبني بأن أبقاني حيًا.
منذ أن استعدتُ وعيي وأنا أحاول أن أكفر عن ذنبي بأن أرجو شقيقتي وأقسم عليها بما تعبد أن تصفح عني، لعل الله يقبل توبتي وندمي على ما أقدمتُ عليه.
لكنها ما زالت ممتنعة عن زيارتي... وما زال صوت لعناتها يلاحقني في كل مكان.

أعتقد أن ما سمعته كان نشيج بكائه، لكنه سرعان ما اختفى في الظلام قبل أن أقول شيئًا.
كل ما خطر في ذهني هو مقولة بول فاليري "الحرب مجزرة تدور بين أناس لا يعرفون بعضهم البعض لحساب آخرين يعرفون بعضهم البعض ولا يقتلون بعضهم البعض".

نفذتُ ما طلبه مني، غادرتُ المكان ثم غادرتُ القرية، وقد صممتُ أن أكتب رواية عن مجنونٍ يروي مآسي الحرب وبشاعاتها، بكل ما في العقل من منطق.






Images rights
1- Jaxson Pohlman Photography
2- Guilty Man- Vector Stock
3- Sneakerhead- track76.blogspot.com
4- Amanda Cass
5- luca leung








 

ساعي البريد


لطيف ساعي البريد... لطيفٌ ساعي البريد.
كان لطيف ابن الحي الشعبي، في زمنٍ سابقٍ على تكنولوجيا الأجهزة الذكية، يعمل ساعي بريد، مشهودٌ له لطفه ومحبته للجميع.

اعتاد لطيف أن يزور حبيبة التي يعشقها، رغم علمه أنها تنتظر ابن عمها الذي سافر على متن مركبٍ إلى البرازيل، بعد أن وعدها بأنه سيعود ليتزوجها.
وحده لطيف عَرَف أنه لن يعود، ففي ذاك الزمن، لم يكن أي مهاجٍر يعود إلى وطنه، إلا وقد اشتعل رأسه شيبًا، أو لربما تُوفي ولم يعلم أحدٌ خبره. 

كانت حبيبة تبكي كلما زارها لطيف ساعي البريد، وليس في حقيبته رسالة لها. 
ساءه حالها وأحزنته دموعها، فقرر أن يسلّي قلبها.
بدأ بتقديم باقة وردٍ لحبيبة، وهو يقول "غدًا بإذن الله تصل رسالة منه".

بعد مرور سنواتٍ على سفر حبيبها، تعرضت حبيبة لحادثة غامضة، أورثتها جنونًا من نوعٍ خاص، كانت كل صباحٍ تستفيق بذاكرة بيضاء فيها فكرة واحدة... حبيبها سيعود اليوم من السفر، ليتزوجا!

منهم مَن يقول أنها في سنوات صباها خرجت في منتصف الليل وحيدة إلى الحقول، فأحبها أميرٌ من الجان ومسَّها بالجنون كي تبقى له، ومنهم مَن يدَّعي أنها فقدت عقلها بسبب طول الانتظار... ومنهم... ومنهم...


والنتيجة!...
ما زال لطيف ساعي البريد اللطيف، رغم الكِبَر والمشيب، يزورها كل يومٍ، وفي يده باقة الورد المعتادة، يبتسم بوجهها ويقول "بشرى سارة يا حبيبة... أرسلَ لكِ اليوم أزهارًا، سيعود غدًا إن شاء الله".





Images rights
1-KYKOLNIK.LJ.RU
2- Chloe Dominique



 




رسالة من عمق الأحزان


ابنة المحبرة أنا... اعتدتُ أن أنزف بكائي على الورق.

يوم أشرقتَ في خريفي كتبتُ لك "أستقبلك كل ليلةٍ، وفي قلبي يعربد تاريخ من الخيبات والهزائم والانكسارات. فهل يسع قلبك، ملحمة أحزاني؟"

فكتبتَ لي "أبحثُ عن كوٍن آخر، عن حبٍ استثنائي.
عن أنثى من حبر... أكتب بها، فتكون هي السرد وبيت القصيد".

فكنا...
غابة خشب عتيق كنتُ، عمرها ألف عاٍم من السأم والملل، وحبك قطرة مطرٍ أنعشت خريفي، فانشقّ عمري برعمًا نديًا.

كنا... وكان الفراق ثالثنا.

فيوم غافلني الموت، وحملكَ على صهوته، صرختُ في وجه الزمن "كفى... مزاحك ثقيلٌ هذه المرة"!
لكنه لم يكن مازحًا، كان جديًا في مقولته! وليتها كانت كاذبة مقولته!

يا صديقي...
منذ أن رحلتَ وأحزاني تتناسل بصمت كنمو أشجار الغابة. في غيابك أصبحتُ شؤم نبوءات العرافات، وأنين الخائفين. لم يعد في ذاكرتي سوى قمرٌ ذبيحٌ وشمسُ غاربة. وألف نجمة منطفئة. وبـردٌ... ودهور حزن.
يقتلني اليوم غيابكَ، وقد كنتَ دوائي. أستجدي... نسيانًا لمواجهة خبث أجراس الحنين، وهي تقرع في ليالي الوحدة.
يدثرني رداءُ أحزاني.
كما لو أنني... منديلٌ في مهب الريح يلّوِح للراحلين.
كما لو أنني أوراق مهمَلة، في مواجهة العاصفة... والهموم فوق رأسي ثقالة ورق.






Images rights
1- Shawna Erback
2-Helenatheactress

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




وسائد... وأحلام


الحمد لله... انضممتُ إلى الفئة العاطلة عن الوظيفة، فبسبب غلاء المعيشة، أفلس دار النشر حيث كنتُ أعمل، فأصبحنا- زملائي وأنا- كوكبة جديدة من ضحايا الفساد المتغلغل في أركان الوطن.

كنتُ أعرف أنني أستحق ما حصل لي، فلطالما طلب مني إبراهيم ابن عمتي وحبيبي أن ألتحق به في بلاد الثلج، لنتزوج بعد أن استقرت أحواله المادية والاجتماعية هناك، لكنني كنتُ أؤجل الموضوع بسبب عملي.

طردتني المالكة من منزل والديَّ، بعد أن حكمت لها المحكمة بذلك! ولن أدخل في تفاصيل ذلك، فالقانون في بلدي في صف "من يدفع"... وفهمكم كفاية.

رفضتُ أن أنتقل للعيش مع أيٍ من أخواتي المتزوجات، فكٍل منهنَّ لديها ما يكفيها من مسؤوليات.
اقترح عليَّ شقيقي المتواجد في بلاد الثلج، أن أنتقل- مؤقتًا- إلى منزلنا القروي، إلى أن يقوم بالإجراءات اللازمة كي ألتحق به. فوافقتُ، واتفقنا أن يتم زواجنا إبراهيم وأنا هناك.

وصلتُ إلى منزل جدتي في القرية مساءًا.
"رحمك الله يا حنونة، لو ترين منزلك الدافئ كيف أصبح مهجورًا، بعد أن كبر الأطفال، وتشتتوا في أصقاع المعمورة".

ستي؟
ستي يا ستي
اشتقت لك يا ستي
علّي صوتك... صوتك بعيد
جايي من الكرم... جايي من التفاح
صوتك حامل شمس وفيي
لون التين والزيتون
ايــــــــــــــه
وريحة الطيون يا ستي*

في أرجاء المنزل تضج ضحكاتنا، أولادٌ صغار لا نفقه أننا في القرية لأن أبناء الوطن الواحد، يتقاتلون في المدينة، يتراشقون بالصواريخ، يدمرون الوطن، من أجل!... لم أستطع يوماً أن أفهم من أجل ماذا كانت هذه الحرب العبثية.

رأتني الضحكات فوجمت، بكت معي على طفولة ضائعة، وعلى أحلاٍم أهدرها- الناطقون باسم الوطن- بسيوف تترية، وتنصلوا من التهمة.

في الغرفة الخلفية الكبيرة، طالعتني "تشقيعة الفرش"** حيث كانت تهندسها جدتي كأمهر مهندٍس يرسم خطوطه بال "ملم".
"في الصباح نرتب الأسِّرة، فتبقى الأحلام مبعثرة تحت الوسائد". جملةٌ من كتاباتي الحزينة.

نزعتُ الغطاء عنها، وبعثرتُ الوسائد في الغرفة. طلعت منها الأحلام السجينة، تتراكض في الزوايا، كأطفاٍل يخرجون إلى الشمس بعد طول "سجن" في غرف الفصول.
ضحكتُ جدُا معهم، لعبنا... رقصنا... وغنينا أغنيات الطفولة.

كذبت!... لم أخبرهم عن الأطفال، وعما فعلته بهم الأيام.
فأختي التي كانت تحلم بأنها سندريلا، تحولت إلى "مكنسة" تركض طوال النهار في أرجاء المنزل، تنظف بقايا الأبناء والأحفاد.

أما ابنة عمي، التي كانت تدرس ليل نهارٍ كي تصبح طبيبة نفسية، فقد خذلها الوطن وقال عنها مجنونة كمرضاها، فتركت مرضاها يئنون تحت أنقاض الوطن، ورحلت مع جنونها لتعالج أمراض الغرباء.

أما ابن عمي، الحالم بالمجد، صاحب أجمل عينٍ ترى الجمال وترسمه، فقد ركب قطار البطالة، إلى أن طرده السائق على أرصفة باريس، وقال له "يا ابني... هنا مكانك".

أخي... الذي حلم بالفضاء، اضطرته الأيام أن يترك مركبته، ليركب طائرة الغربة.

أما أخي الصغير، المخرج السينمائي، كما كنا نسميه يومها، فقد تنازل عن السينما، وحمل كاميرا صغيرة، ولحق بمهنة المتاعب، في وطٍن كل ما فيه... متاعب.

ابن عمتي حمل سياط الفساد أخاديد على ظهره، تجلبب باليأس، وركب قطار الغربة، حيث استبدل قلمه الحر... بملعقة! واحترف إطعام الجائعين في مطعم أسماه "فتولة وتبوش"***.
أراد أن يقول أن كل شيء في لبنان... "خلطبيتة!"

أما ابنة عمتي، هاوية التمثيل، كانت تعمل في التدريس... حاصرها الوطن هي وزوجها الممرض في زوايا الفاقة، إلى أن تركت طلابها، وهاجرت مع زوجها إلى حيث يستقر بهما المقام.

فرحت أحلامهم بالأكاذيب التي أخبرتهم، عن سعادة أطفال الحرب، وعن أحلامهم العظيمة التي نجحوا في تجسيدها كحياة ناجحة. حضنت بعضها بعضًا ونامت في أمان الوسائد.

نبتت من أنسجة وسادتي، أنثى بجناحين، نظرت إليَّ بتحٍد وقالت: أين أجنحتك؟
فأجبتُ بغصة: قصوها...
لانت ملامح وجهها وسألت: مَن؟...
تسربت الدموع من قلبي وأنا أجيب: أمراء الحرب.
اقترب مني حلمٌ ما زال يزورني كثيرًا رغم الكِبَر، وقال: هل تذكريني؟
ابتسمتُ بمرارة وأجبت: ما نسيتكَ أبدًا...
نظر إليَّ ببراءة وقال: ما زلتُ أنتظركِ في العتمة، فمتى ستنقلينني إلى النور!
فأجبتُ بخذلان: شاب العمر وشبنا، ولم أجد فرصتي بعد.
تأبط ذراعي وقال: سنجدها معًا؟

سررت... وأصابتني الحيرة من الفكرة ونظرتُ إليه بتساؤل، فهز برأسه أن "نعم"، وقال: لا تستسلمي للصعوبات، فما دمتِ تريدينني كما أريدكِ، فلا بد أن نصل.

شغلت اللابتوب... فتحتُ صفحة بيضاء... وكتبتُ العنوان:
حربٌ... أحلامٌ ووسائد
بقلم: نايا السيد

نظرتُ إليه في الزاوية يبتسم بحب، وقال: وأخيرًا سأخرج إلى النور... روايةً عن الحب والحرب.




1$= 100000 ليرة لبنانية

*أغنية السيدة فيروز كلمات وألحان الأخوين رحباني

**تشقيعة: مصدرها شقع، وتعني باللهجة اللبنانية الدارجة: أن يضع الأشياء فوق بعضها.

الفرش: وهي الفراش والأغطية والوسائد.

*** تبولة وفتوش. سلطات من المطبخ اللبناني. 




Images rights
1- Draws-Micy M
2- Ali Miri
3- Lusia Duarte
4-Ali Miri
5- anonymous



القسمُ الحزين


أقسمُ...

بلون القمح في عينيكَ

وقد أغلقت ستائرها عن شواردِ

الحياة.

بشمس ابتسامتك وقد غربت ذات فجٍر معتم.

 

أقسمُ بماسِ حروفكَ

وقد صقلني قصيدة هوى وغوى.

 

أن لا رجل مثلكَ

بثقاب أنامله...

أشعل الإغواء في نيراني

علمني الرقص فوق لهب القصائد.

 

أيها الراحل عن عمري... وجعًا.

سلام عليكَ يومَ ولدتَ...

ويومَ متَّ...

ويوم تُبعث حيًا.












Image rights
DHAVAL ARTIST










نايـــــــــــــا


كنتُ أقرأ مشدوهة فاغرة الفم كالبلهاء، يا إلهي... بماذا كنتُ أفكر وأنا أكتب هذا الكلام!
هذه الترهات لا تمت إلى الأدب بصلة، أسلوبٌ مراهِقٌ ساذج. وكأن الذي كتبه يعيش في متاهة من السخافات، وقد أضاع باب الخروج.

لكن!... لا عجب إنني كتبتُ هذا الكلام، فقد كنتُ يومها ساذجة، وبريئة كطفلةٍ لم ترَ بعد الوجه الآخر للحياة.
لحظاتٌ مرت وأنا مشدوهة، ووجدتني أكبس زر "إلغاء" قبل أن أترك فرصة ليدي كي تستشير عقلي، إن كان موافقًا على هذا الإلغاء.

يوم تبَّول الدولار على عملتنا الوطنية، وأورث التجار جشع "تاجر البندقية"*، تحولنا إلى شعبٍ منهك/مستنزف إلا مِن ومضة نورٍ، ما زلنا نصدق إنها تلوح في الأفق، متناسين أننا في وطن، أطفأ زعماءه كل الأنوار في الأنفاق، وأبقوا القطار مضاءة أنواره، استعدادًا ليدهسنا جميعًا.

بعد نيفٍ وأسبوع من إهمالي اللابتوب وكل ما له صلة بالكتابة والأدب، قررتُ أن أفتحه.
شغَّلته وأنا أراقب وميض الشاشة وهي تشتغل... وما كادت!
قفزت من الشاشة، حسناءٌ غاب جمالها تحت غبار التعب، على محياها كل أحزان العالم.
صرختُ...
جلستْ على الأرض وهي تلهث وتقول: أخيرًا فتحتِ الشاشة، كدتُ أيأس من حضورك.
استجمعتُ ما بي من بقايا وعي وقلت: مَن أنتِ؟
تناولت بسكوته كانت على الطاولة بجانبي، ورشفت رشفة من فنجان قهوتي.
فقلتُ ساخرة: تفضلي... البيت بيتك.
ابتسمت بخجل وقالت: عذرًا... لكنني حقًا جائعة، هلا أحضرتِ لنفسك فنجانًا آخر.
كررتُ بإصرار: مَن أنتِ؟
أخذت بسكوته ثانية وقالت: سأخبركِ... سأخبرك، لكن هاتي لكِ فنجانًا آخر لنشرب القهوة معًا.

لفتني جوعها، فأحضرتُ لها صحنًا من الشطائر، وحضرَّتُ المزيد من القهوة.
تناولت طعامها بنهم، ثم استوت لتشرب قهوتها وعلى وجهها ابتسامة خجل.
فقلت: حسنًا... هلا أخبرتني مَن تكونين؟
أجابت: ألم تعرفيني؟... أنا نايا السيد.
أجبت بسرعة: ومَن نايا السيد؟... لا أعرف أحدًا بهذا الاسم.
فأجابت: بلى تعرفين... افتحي باب ذاكرتك.
نظرتُ إليها مليًا، حسناء أربعينية، جمالها ملائكي، وشعرها غجري أسود طويل.
ثم!... مهلاً!؟... لا يمكن ذلك!
رأت الرعب في عينيّ، فهزت برأسها إيجابًا وقالت: بلى... هذه أنا.
فقلتُ بسخرية: هل تمازحينني يا امرأة!؟
احتدت لهجتها قليلاً وهي تقول: كما كنتِ تمازحينني عندما تركتني تائهة في الشبكة العنكبوتية.
قلتُ رافضة الفكرة: لا... لا... أنتِ لا بد مجنونة، لا يمكن أن تكوني هي، فنايا السيد لم تكن إلا شخصية خيالية في واحدة من قصصي.
أجابت: قصتك التي أرسلتها إلى ال "ريسايكل بين" مزبلة الإنترنت.
نظرتُ إليها برجاء وقلت: أرجوكِ... أرجوكِ... توقفي عن قول الترهات واخبريني من أنت؟
رفعت يدها وقالت: أقسم بالله العظيم أنا نايا السيد.

لطمتُ على وجهي وقلت: هذا يعني أنني جُننت.
قامت من مكانها ومسدت شعري وقالت: لا أنتِ مجنونة ولا أنا، كل الموضوع إنني شخصية ورقية جاءت لترى الكاتبة التي رسمتها.
راقت لي اللعبة، فأنا لا أخلو من "الخَوَت" كما نقول نحن في لبنان.
طلبتُ منها الجلوس، صببتُ مزيدًا من القهوة في فنجانها وفنجاني، وقلت: حسنًا نايا السيد أخبريني لما أتيتِ لتريني؟
رشفت قهوتها بتمهٍل واستمتاع وأجابت: لأسألك لماذا تركتني وحدي في أروقة الإنترنت؟
أجبت: لمْ تعجبني القصةُ حين قرأتها بعد عدة سنواتٍ من كتابتها.
ابتسمت بسخرية وقالت: بصراحة... كانت فعلاً مريعة، لكن... هل خطر لكِ انكِ تركتني أعاني وحيدة؟
- لم تكوني وحدك، كنتم عدة أشخاص.
- لكنكِ رسمتني امرأة فاضلة... فكنتُ كما أردتني، لذا عندما رميتنا في نفايات الإنترنت، لم أستطع العيش.

أصبتُ بالخرس، هل يعقل ذلك؟ هل تعاني الشخصيات الخيالية عندما نرميها في المهملات؟
فاجأتني بسؤالها: لماذا زوجتني إلى ذاك الفنان؟
قلتُ بتلقائية: لستُ أنا من زوجك، بل هي والدته... حماتك.
أجابت: هي زوجتني إياه بعد أن قتلتِ زوجي... ابنها الآخر.
قلتُ مدافعة عن نفسي: أنا لم أقتله... هو حمى شقيقه من رصاصات ذاك "الفنان المطبِّع".
شتمت وأجابت: وهل تعرفين ماذا فعل هذا الفنان الذي قُتل شقيقه بسبب موقفه الرافض للتطبيع؟
أذهلتني المفاجأة، فهل أكملت الشخصيات حياتها من دوني؟
أمام صمتي وذهولي أجابت: استقر به المقام في إحدى الدول المطبِّعة! يُطبل ويزمر معها لما يسمونه "الانفتاح على الآخر".
وضعت يدي على فمي وقلت: ماذا تقولين؟... ووالدته كيف سمحت بذلك؟
فتحت يديها وقالت: رحمها الله لقد توفيت قبل أن ترى هذه النكبة.
فسألتها بعجل: وأنتِ تركته قبلها أليس كذلك؟
أجابت: لقد هربتُ منه، كان يريدني أن أشاركه في التطبيل لمشروع "التطبيع".
أجبت بسرعة: وأين اختبأتِ منه؟
تمددت على السرير وهي تعتذر على وقاحتها، ثم تابعت: لقد اختبأتُ منه عند ابنة عمتي آيات هل تذكرينها؟
أجبت وقد عادت لي تفاصيل تلك القصة المريعة: أجل أذكرها، كانت إعلامية مبتدئة، ومغرمة بمديرها في التلفزيون كان اسمه جهاد.
نظرت إليَّ بتحٍد وقالت: وهل تعلمين ما كان مصير هذا الثنائي؟
حركتُ رأسي بأن لا... فقالت: لقد حصل جهاد على تمويل من "...." وأسس محطته الخاصة... وبكل وقاحة يدّعي أن ذلك حرية تعبير وانفتاح على الجميع.
أما آيات ابنة عمتي فقد تحولت إلى "بوق إعلامي"... في هذه المحطة، وفهمك كفاية.
ضربتُ على رأسي، وقلتُ: يا إلهي... ألم يبقَ أحد في هذه القصة كما أردته أن يكون؟
أجابت بحزن: بلى... بقي... إبراهيم شقيق آيات، هل تذكرينه؟
أجبت بوجل: ابن عمتك الذي أغرم بكِ وأراد الزواج منك.
فسارعت بالقول: لكنكِ وضعتِ زوجي المرحوم أمامي وجعلتني أغرم به وأرفض إبراهيم.
فسألتها: وماذا حصل لإبراهيم؟
فأجابت ممتعضة: هاجر... لم يترك له الفساد حل آخر. هاجر بعد أن قضى في السجن سنة كاملة، والتهمة؟... كتب مقالاً عن فساد المصارف والطبقة الحاكمة.
ضربتُ على وجهي، وتسارعت نبضات قلبي، تعرَّقت يداي وتسربت قشعريرة إلى جميع أنحاء جسدي.
وقلت: بالله عليكِ نايا... لماذا أتيتِ؟... لماذا تخبرينني كل ذلك؟
فأجابت وهي تعتدل في جلستها: كي أُفهمك أن شخصياتكِ الخيالية هي أيضًا بشر، تتبدل أحوالها وتتغير، فبالله عليكِ كفي عن رسم الأشخاص المثاليين في قصصك.
حركتُ رأسي رافضة وأجبت: لا... لا... لن أفقد ثقتي بالإنسان.
أجابت بسرعة: ولا أنا سأفقد ثقتي بالإنسان، لكن... لقد علمتني دهاليز الشبكة العنكبوتية، أن الإنسان الحق نادر الوجود، وأن زمننا هذا هو زمن العار يا صديقتي... كل شيء فيه مباح، حتى الكرامات... والشرف.

صعقتني الحقيقة التي كنتُ أحاول أن لا أجاهر بها أمام نفسي وقلت: أين ستذهبين الآن نايا؟
أجابت: لا أدري...
فقلت بصدق: هل تبقين معي؟... رجاءًا.
فقالت بخجل: حسنًا سأبقى، بشرط... ضعيني في  قصةٍ أعيش فيها هانئة... وبكرامتي.
صافحتها وقلت: اتفقنا.




*إشارة إلى مسرحية شكسبير "تاجر البندقية".



 
Images rights
1- Sarenur Türk Koçak- sayu.go 2- Jurassic Park
3- Adam Almahjoub

لماذا نكتب؟


أكتبُ كي أَفهَمُني...
فقبيلة نساءٍ تسكنني، أجهل لغتها.
أكتبُ نساءها نصًا بعد نص، لعلني/لعلنا نتعارف ذات سرد.

أكتبُ كي أُرَمِمني...
أنا المنذورة للقضايا الكبرى، منذ أن عاصرتُ حربًا ووطنٌ جريحٌ وألفُ ألفُ حزن.

أكتب...
لأنني سجينة زمنٍ مجنون، أهداني أقدارًا لا تتحقق، وقطاراتٍ متوقفة منذ ألف عامٍ، وطائراتٍ لا وجهة لها.

أكتبُ...
لأنني حزينة كمقطوعةٍ موسيقية تُعزَفُ في سهرة للصم!
كوردٍة لم تصل... كرسالٍة لم تُفتح... كحذاء طفٍل ظهر بين الركام. كطفلة مرسومة بالطبشور على الجدار، أمطرت عليها السماءُ، فذاب فستانها الزهري، وظلل أعيادها عتم اليتم.

أكتبُ...
لأن الأبجدية صراخي، ودموع محبرتي تسقي المسافاتُ حين يتسع الغياب.

أكتبُ...
لعلني أراوغ ألغام الحنين، وأقيم من شظايا أحلامي أحجار عثرة أضعها في طريق العمر الهارب.

أكتبُ...
لأن لا شيء فيَّ مكتملٌ إلا أحزاني. في رأسي براكينَ غضب وصداع.

أكتبُ...
لأنني نبوءات العرافات وأنين الخائفين.
في ذاكرتي قمرٌ ذبيحٌ وشمسٌ غاربة وألف نجمة منطفئة... وبـردٌ ودهور حزن.

أكتبُ!!!...
أنا لا أكتب... بل أنزف حبر دمائي على أبيض الورق.



 

Images rights are reserved to their owners

سقراط والتنورة المقلوبة


تعرفتُ إلى سهيل في المدرسة الثانوية. كان يلقي علينا محاضرات في العِلم والمعرفة، ويرفض أن نفصل العلوم عن الفلسفة والأدب، فكلها عِلم... وكلها هامة لبناء الإنسان وكيانه الوجودي.

فلسفته سقراطية بامتياز وهي "البحث عن الحقيقة في ذات الإنسان وليس في العالم الخارجي، فما على الإنسان إلا أن يتأمَّل ذاته ليدركَ الحقيقة".
كنا نلقبّه ب "سقراط (نا)".


عام 1989 وضعت الحرب الأهلية أوزارها، تزامن ذلكَ مع دخولنا إلى الجامعات.
سهيل وأنا اخترنا دراسة الفلسفة وعِلم النفس.
عندما سألته عن اختياره رغم تفوقه في المواد العلمية أجاب وهو يبتسم: العلوم انبثقت من بطن الفلسفة، فلما أدرس وليد بطنها ما دمتُ أستطيع أن أقارعها هي عينها؟


خمسة عشر عامًا طلاب عِلم، حققنا فيها أربع شهادات.
دكتوراه في الفلسفة لسهيل، وماجستير في العلوم.
دكتوراه في الفلسفة وماجستير في علم النفس لي.


سألتني أمي يومًا: متى ستتزوجان سهيل وأنتِ؟
أجبتُ: أريحي عقلكِ أمي ولا تفكري بالموضوع، فكلانا قد تجاوز الأربعين من عمره، لم نعد في نزق الطيش لنقدم على هذا "الهبل".
تركتها مصعوقة من الصدمة، وأنا أردد "زواج؟... هه... زواج؟"...


وصلنا إلى زمن الأجهزة الذكية، عدوة سقراط (نا) الأولى.
كان مستاءًا من تعلّق الشباب بهواتفهم، ويفقد صوابه أمام المهازل التي يقترفها جيل "السوشيال ميديا".

 هو وأنا كتبنا، عشرات المقالات التي تحذر من خطر جميع أنواع الميديا على الشباب اليافع، وعلى أخلاقيات المجتمع ومفهوم العائلة.
لكنه كان حادًا في النَقَد. نَقَد... ونَقَد... ونَقَد... لم يترك مجالاً في البلد، إلا ووضعه تحت مبضع التشريح والنقد.
الطائفية... الانقسامات... العنصرية... الطبقية... عبادة الدكتاتور... غلاء المعيشة... التلاعب بالدولار... العمالة للخارج... قتل الجامعة الوطنية... خنق المدرسة الحكومية... المثلية الجنسية... عمليات التجميل... الفاشينيستا... تدهور الفن والأدب... القضاء على مفهوم الأسرة... ارتفاع نسب الطلاق...

وهكذا أصبح سقراط (نا)، زائرًا دائمًا للنيابة العامة، لكثرة ما تم استدعاؤه بسبب لهجته التي لم تعجب فلان أو لم ترُق لعلان.
كان يبرر لهجته الحادة بأنه يجب أن نستخدم غضبنا بشكل بنَّاء من أجل إحداث تغيير للأفضل في المجتمع.

شاع اسمه كثائرٍ مُعارض في جميع أنحاء البلد، اتَّبعه الغاوون أمثالي، لكننا كنا أقلية في وجه موجة عارمة "تسونامي" تجهيل واستحمار.


أخبرني يومًا أنه مدعو ليكون ضيفًا في برنامج محلي، وقال باستياء: إنهم يدعونني لأواجه امرأة يقولون أنها... مو... موسر...
أنقذته وقلت: مؤثرة.
لمعت عيناه وقال: هذه هي الكلمة... مؤثرة... هه... وهل لأمثالها من البُلهاء إلا أفظع تأثير على المجتمع.
حاولتُ أن أخفف عنه فمازحته قائلة: عندنا في القرية مقولة شائعة هي "لبس التنورية على المقلوب"*... سقراط... ارتدِ لهم التنورية بالمقلوب.
ضحكنا معاً إلى أن كرت دموعنا.


وصل سهيل/سقراط (نا) الثائر إلى مبنى التلفزيون وقد ارتدى "تنورة مقلوبة"... ضج موقع التصوير بالضحك... واعتقد الجمهور أن في الأمر نكتة.
سأله المذيع بدهشة: أستاذ سهيل هلا أخبرتنا لماذا ترتدي هذه الملابس؟
فأخبرهم قصة "التنورية".

وبعد أن خفت الضحك في استديو التصوير، تنحنح سقراط (نا) ووضع رجلاً فوق أخرى وقال: لبستُ "التنورية بالمقلوب" كي أعلم رجال السياسة كيف يكونون رجالاً.
ضحك الجمهور وقال المذيع: أستاذ سهيل... نريد أن نعود إلى منازلنا.
فأجاب سقراط (نا): لا يمكن أن تتحقق العدالة الحقيقية إلا عندما يتم تثقيف مَن هم في السلطة حول ما تنطوي عليه وكيف ينبغي أن يتصرفوا تجاه مواطنيهم.




*التنورية= تنورة نسائية
على المقلوب= قلب جهة الداخل للخارج.
وهو قول عامي يقال في قريتي الجنوبية، لمن غضب وثارت ثائرته.

يُذكر أن "ارتداء التنورة رأساً على عقب" مقولة نشأت في الولايات المتحدة خلال الخمسينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين أصبحت شائعة بين الشباب. استُخدِمت للتعبير عن الغضب والإحباط، دون اللجوء إلى العنف الجسدي أو العدوان.

 



 Images rights

1- Anime

2-  ryaninzana- Book Review of Plato- The Wall Street Journal