ساعي البريد


لطيف ساعي البريد... لطيفٌ ساعي البريد.
كان لطيف ابن الحي الشعبي، في زمن سابق على تكنولوجيا الأجهزة الذكية، يعمل ساعي بريد، مشهودٌ له لطفه ومحبته للجميع.

اعتاد لطيف أن يزور حبيبة التي يعشقها، رغم علمه أنها تنتظر ابن عمها الذي سافر على متن مركبٍ إلى البرازيل، بعد أن وعدها بأنه سيعود ليتزوجها.
وحده لطيف عرف أنه لن يعود، ففي ذاك الزمن، لم يكن أي مهاجر يعود إلى وطنه، إلا وقد اشتعل رأسه شيباً، أو لربما توفي ولم يعلم أحدٌ خبره. .

كانت حبيبة تبكي كلما زارها لطيف ساعي البريد، وليس في حقيبته رسالة لها. ساءه حالها وأحزنته دموعها، فقرر أن يسلّي قلبها.
بدأ بتقديم باقة وردٍ لحبيبة، وهو يقول "غداً بإذن الله تصل رسالة منه".


بعد مرور سنواتٍ على سفر حبيبها، تعرضت حبيبة لحادثة غامضة، أورثتها جنوناً من نوعٍ خاص، كانت كل صباحٍ تستفيق بذاكرة بيضاء فيها فكرة واحدة... حبيبها سيعود اليوم من السفر، ليتزوجا!
منهم مَن يقول أنها في سنوات صباها خرجت في منتصف الليل وحيدة إلى الحقول، فأحبها أميرٌ من الجان ومسها بالجنون كي تبقى له، ومنهم مَن يدَّعي أنها فقدت عقلها بسبب طول الانتظار... ومنهم... ومنهم...


والنتيجة!...
ما زال لطيف ساعي البريد اللطيف، رغم الكِبَر والمشيب، يزورها كل يومٍ، وفي يده باقة الورد المعتادة، يبتسم بوجهها ويقول "بشرى سارة يا حبيبة... أرسلَ لكِ اليوم أزهاراً، سيعود غداً إن شاء الله".





Images rights
1-KYKOLNIK.LJ.RU
2- Chloe Dominique



 




No comments:

Post a Comment