نصف آدم الآخر


السيدة الفاضلة هيام
مساء نزيفنا يا صديقتي، العابق بذكرى حبيبٍ ذهب مع الريح... منتقلاً إلى المقلب الآخر، تاركاً لنا الأحزان والمواجع.
سامحيني على جرأتي في اقتحام أحزانك، لكنني ملزمة تجاه آدم أن أخبركِ بحقيقةٍ لطالما أخفاها عنكِ.
كنتُ أنا وآدم زملاء في الدراسة، أولاً في المدرسة، ثم انتقلنا إلى الجامعة، بطبيعة الحال تخرجتُ قبله بسنوات، فأنا صيدلانية وهو كما تعلمين طبيب.
جمعنا عشق أسطوري. لكن والدي رفض أن يسمح لي بالزواج من حبيبي لأن هذا الأخير لم يكن يملك شيئاً بعد، ولا حتى شهادة في الطب، بينما أنا سليلة الحسب والنسب، ابنة عائلة غنية ذات صيت ذائع في البلد- هذا ما قاله والدي، وأتبرأ أنا منه.

ألزمني والدي على السفر إلى الخارج لأكمل دراستي، وقطع عني أي تواصل ممكن أن يحصل مع الوطن.
نلتُ شهادة الدكتوراه في الصيدلة في العام نفسه الذي توفي فيه والدي. سامحه الله، تركني وحيدة في الغربة، أنا اليتيمة التي ما عرفت يوماً حنان الأم. كنتُ شريدة في لندن، ووحيدة مع أحزاني.
أسستُ هنا شركة لصناعة الأدوية... افتتحتُ صيدلية... وغرقتُ في أعمالي، لعلي أنسى آدم، وأسلى عن التفكير به.
إلى أن!... دخل عليَّ يوماً في مكتبي في شركة الأدوية... حضورٌ صاعقٌ لرجلٍ ما فارق ليلة أحلامي... وما عشتُ لحظة دون أن أتنفسه.
أجل آدم... حبيبي الذي خَذَلته وخلفته مع الأحزان والمواجع، لأنني لم أجرؤ على الهرب من منزلي كي أرتبط به.
كان متزوجاً منكِ منذ سنواتٍ خمس، لم تنجبا أطفالاً لأن آدم لا ينجب! هكذا أفهمكِ كي يكفيكِ شر الصدمة.

تزوجنا... وعشنا في عتم الحياة، كي لا نجرح مشاعركِ أنتِ المرأة التي ناضلت ووقفت بجانب طبيبٍ ما زال يؤسس حياته.
أجل سيدتي تزوجنا سراً... وأنجبنا شابين وثلاث فتيات!
فكما أخبرتكِ كان آدم قد أخبركِ انه لا ينجب، لكن تلك كانت كذبته البيضاء.
أخبر أولادنا عنكِ كثيراً، وأوصاهم بكِ قبل أن يوصيهم بي.

سامحيني على رسالتي... التي لا بد فتحت جرحاً نازفاً في قلبكِ. لكنني عاهدته وهو يصارع المرض أن أخبركِ لأنه يريدنا أن نجتمع كعائلة.
آدم رحل... تركنا أرملتين حزينتين، لكنه كان قلقاً عليكِ، كان قلقاً من وحدتكِ بعده.

أرسل إليكِ هذه الرسالة، كي أخبرك عن وصية آدم، وعن أمنيته الكبيرة بأن تنضمي إلينا لنكون عائلة واحدة.


علياء
نصف آدم الآخر




 Image rights are reserved to the owner



















No comments:

Post a Comment