ابتسامة من زمن الطفولة


لن أنسى عيد التحرير- يوم 25 أيار عام 2000، كيف احتفلنا بالنصر. فبعد عقودٍ من الاحتلال استطعنا أن نزور قرانا الجنوبية.
في الطريق انهمرت عليَّ ذكريات الطفولة.
كنتُ طفلة صغيرة جداً، أجلس خلف زجاج نافذة السيارة المفتوح لأسمح للهواء بأن يتلاعب بشعري، فرأيتُ ولداً- يكبرني بطبيعة الحال- يقف على جانب الطريق... ابتسم لي. وضاعت الذكرى إلى أن عدتُ إلى قريتي بعد ثماني عشر عاماً، وقد كان لي من العمر يومها حوالي أربع وعشرون عاماً.
لم أحدِّث أحداً عن الذكرى التي طرقت ذاكرتي على حين غفلة، لكنني ابتسمتُ في سري وأنا أتساءل عن مصيرِ شخصٍ ابتسم لي ببراءة طفولية.

في ربوع تلك المنطقة الساحرة الجمال... تعرفتُ إلى باسم.
كنتُ يومها في سيارتي وحدي، أقود متنقلة بين قريتي والقرى المجاورة، لأمتع ناظري بجمال الطبيعة، أنا ساكنة غابات الأسمنت. وإذ بشابٍ يشير لي أن أقف، يبدو أن سيارته تعطلت وكان يحتاج لمساعدة. توقفت بجانبه، دُهش لأنني فتاة، فابتسم معتذراً وقال: آسف على تعطيلك... فربما لا تستطيعين مساعدتي.
لن أنسى السحر في ابتسامته!... فابتسمتُ بدوري وأجبت: جربني...
وجد في سيارتي كل أدوات إصلاح عجلة سيارته... فتعارفنا.
باسم مصمم إعلانات... يكبرني بخمس سنوات، غير مرتبط... هوايته الرسم والسباحة... إنسان رائع بكل المقاييس سرعان ما توطدت علاقتنا... من صديقين حميمين إلى حبيبين مولهين.
صارحني يوماً وكنا نتسامر في حديقة منزلي في القرية، عن رسم له وهو مراهق في عمر الأربعة عشر عاماً يصور طفلة رآها يوماً تمر من أمامه.
وقال: رسمتها لأن ابتسامتها يومها حركت بي إحساساً غريباً!
... أتى برسوماته من سيارته!... يا إلهي!... الطفلة في الصورة هي أنا!. لم أخبره بشيء، لكنني وعدته أن أريه شيئاً عندما يزورني في العاصمة.
فجهزتُ له صوراً لي أثناء طفولتي، في نفس الفستان الذي رسمني به، كما وجدتُ صورة للسيارة التي رسمها!
أذهلتنا المفاجأة... وأخذنا سحر اللحظة إلى جنتنا السحرية.




Images rights are reserved to their owners














 












No comments:

Post a Comment