سانتا كلوز


تعددت أسماؤه، لكنه يبقى رمزًا للميلاد وشفيعًا للأطفال،
يوزع الفرح عليهم، هابطًا من المداخن أو متسللًا في عتمة الليل من نوافذهم المفتوحة. يضع لهم الهدايا تحت شجرة الميلاد أثناء نومهم، ليستفيقوا صباحًا على فرحة ميلاد الطفل يسوع.

هو سانتا كلوز أو بابا نويل... الأب الروحي لكل طفل ينتظر فرحة الأعياد وهداياه من ميلاد إلى آخر.
فما هي حكاية سانتا؟ ومن أين جاءت أسطورته؟
صورة سانتا في ذهن الناس، وخاصة الأطفال، هي صورة رجل سعيد دائمًا وسمين ضحوك، يرتدي بزة حمراء منذ القرن العشرين، وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض كالثلج. يعيش في القطب الشمالي مع زوجته مسز كلوز، ويساعدهما في صناعة الألعاب مجموعة من الأقزام. يعملون طوال العام ليكون سانتا جاهزًا بعربته التي تجرها الأيائل ليلة الميلاد، فيلف العالم موزعًا هداياه على الأطفال.

جاء في الكثير من المراجع أنه أسطورة مأخوذة من قصة القديس نيكولاس، وهو أسقف "ميرا". عاش في القرن الرابع الميلادي، وكان هذا القديس يوزع الهدايا أثناء الليل على الفقراء والعائلات المحتاجة دون أن يعلم أحد أنه الفاعل. هو من أصل يوناني وليس سويدي، وقد توفي في ديسمبر، شهر الميلاد. يُقال إن ثيابه الحمراء هي رمز للون ثوب المطران.

أما الأسطورة الثانية، حسب رؤيتي الخاصة وبحثي في الموضوع، فهي:
كان سانتا رجلًا عاديًا يدعى نيقولا، عاش حياته مع زوجته مسز كلوز في وحدة ولهفة لأن يكون لهما طفل. لكنهما أصبحا عجوزين ولم يرزقهما الله بطفل. عاشا قانعين بنصيبهما من الدنيا، ولم تفارق بسمة الرضا ثغرهما.
تقاعد نيقولا من عمله، فقرر أن ينتقل للعيش بهدوء في القطب الشمالي. اعتاد كل ليلة ميلاد أن يوزع الهدايا على الأطفال المحتاجين، ليرى الفرحة في أعينهم.

ذات ليلة، وهو يحضر الهدايا مع زوجته، تمنى لو أنه يستطيع أن يوزع الهدايا على جميع أطفال العالم في ليلة واحدة. ابتسمت زوجته وقالت إن ذلك مستحيل، مع أنه حلم رائع جدًا.


أشتدت الليل حلكة، وتأخر الوقت بالزوجين العجوزين وهما يعملان في تحضير الهدايا، فظهرت جنية الثلج الطيبة عليهما، وخاطبتهما قائلة بعد أن استوعبا وجودها:
"نيقولا... لأنك رجل طيب وقلبك عامر بالحب أنت وزوجتك، فسوف أحقق أمنيتكما بأن توزعا هداياكما على جميع الأطفال في جميع أنحاء العالم. لذا سوف أمنحكما الخلود وأساعدكما بتأسيس مصنع للألعاب يساعدكما فيه جيش من الأقزام، وعربة تقودها الأيائل تلف بك العالم يا نيقولا لتوزع هداياك... ومنذ اللحظة أسميتك بابا نويل أو سانتا كلوز، أي أب الميلاد."

أما آخر الحكايات فتقول إن سانتا كلوز هو رمز للمجوس الأربعة الذين أتوا إلى مكان ولادة الطفل يسوع محملين بالهدايا له لنيل بركة طفل المعجزة، حسب نبوءة كانوا يتناقلونها منذ مئات السنين.

تم رسم صورته الحديثة عام 1860 على يد رسام أمريكي.
كما يُقال إن أسطورة سانتا المعروفة وُلدت على يد الشاعر الأمريكي كليمنت كلارك مور الذي كتب قصيدة "الليلة التي قبل عيد الميلاد" عام 1823.
أما ملابس سانتا فقد كانت خضراء حتى القرن العشرين، إلى أن ابتكرت له شركة كوكاكولا ملابس حمراء كشعار لها، ترويجًا لمنتجاتها، كونه الشخصية الأحب إلى قلوب الجميع.

نهاية القول... سانتا كلوز أو بابا نويل هو شخصية أسطورية، لكن حكايته تبقى الأسطورة الأجمل والأحب إلى قلوب الجميع، لأنه رمز المحبة... رمز السلام... رمز العطاء... رمز الميلاد وروحه.






Images rights are reserved to their owners



 

 











 













دفء المشاعر




يتســـــــاقط الثلج

علـى منزلـــــــي

وأنـــا في الداخل

دافئـة بــــأشواقي.










Image rights are reserved to the owner






بيناتي


بيناتي...
كلمة قالها هادي*، ابن شقيقي عصام، ليعبِّر بها عن أن الموضوع خاص بينه وبين نفسه.

سأصدقكم القول: بعد أن تأملتُ جوهر الكلمة، أحسستُ كم هي عميقة المعنى وفلسفية المغزى.
فأن يكون الأمر بيني وبين نفسي، معناه أنني كيان منفصل عن نفسي، ويمكن لأي أمر أن يدخل بينهما. أما كلمة "بيناتي" فتعني أنني ونفسي كيان واحد لا يتجزأ، ولا يمكن حتى لطيفٍ واهٍ أن يدخل بيننا.

أتدرون ماذا يخطر ببالي الآن؟ يخطر ببالي الإحراج الذي يسببه سؤال شخصي وحميم، إذ يضعني في موقف لا أُحسد عليه. فأنا لا أحب الكذب، لكنني أفضل في مثل هذه الموضوعات أن يبقى الأمر... "بيناتي".








كان يبلغ من العمر يومها ست سنوات.

هزيمة شيطان

اختبأت في حضن جدتها، هاربةً من خيانة من ظنَّته حبيبها!
وذات صباح، بينما كانت تفتح باب القِنِّ لجمع البيض، وجدت شيطان حبيبها مختبئًا بين الدجاج!
فقال "لا تندهشي يا جميلتي، إنني أفضِّل معاشرة الدجاج على الوسوسة لديكٍ يفوقني شيطنة".








Image rights are reserved to the owner


لعبة حب



لســتُ غبيــةً...
لكنــّي أحيانًا
أمثِّلُ دورَ السذاجةِ
كي أمنحَ رجولتَكَ
الزهوَ والخيالَ
بأنَّكَ استطعتَ
أن تسجّلَ هدفًا
في شباكِ
امرأةٍ بذكائي.







Image rights are reserved to the owner

ألف ثورة... وثورة


... وفي الليلة المئة بعد الألف، سمعتْ شهرزادُ بأن شابًا من بلاد العجم يدعى "جاك دورسي" قد أسس موقعًا إلكترونيًا يتضارب مع مصالحها الروائية، فهذا الموقع ينقل الأخبار من جميع أنحاء العالم لحظة بلحظة، إضافةً إلى الحكايات والنَّوادر والحِكم وأقوال الأدباء والفلاسفة.

وكعادتها كل ليلة، تجمّلت وتعطّرت وارتدت حلّةً زاهيةَ الألوان بانتظار أن يحضر حبيبها شهريار ليسمع أحدث ما لديها من حكايات. لكنها فوجئت به يدخل وهو يحمل حقيبةً سوداء وضعها على السرير وأخرج منها صندوقًا معدنيًا عجيبًا أضاءَه بكبسة زر!

فسألته شهرزاد:
-ما هذا يا شهريار؟
فأجاب:
-لابتوب يا امرأة.
فقالت بدهشة:
-وماذا ستفعل بهذا الشيء؟
فأجاب بلامبالاة:
-سوف أفتح التويتر لأتواصل مع أصدقائي.

حسناً!... بدأت شهرزاد تشعر بالخطر وقد اقترب كثيرًا، لا بل لقد دخل إلى غرفة نومها! اقتربت منه بدهاء الأنثى وحاولت أن تلمسه بحنان وحرارة وهي تهمس في أذنه:
-حبيبي، ألا تريد أن تسمع أحدث حكاياتي؟
أبعدها عنه برفق وقال:
-أرجوكِ يا شهرزاد، فأصدقائي في جميع أنحاء العالم بدأوا التغريد وأريد أن أتسلّى معهم قليلاً.
فقالت شهرزاد باستياء:
-وحكاية الليلة؟
فقال بامتعاض:
-مللتُ يا شهرزاد، مللتُ حكايات الجنّ والحيوانات الناطقة وألاعيب القهرمانات، ولم أعد أؤمن بأن الحب ينتصر في النهاية، فالفقير لم يعد لديه وقت للحب، والحسناء دائماً يتزوجها الثري... والحُكام تثور شعوبهم عليهم، وأميركا وحدها تتسيّد العالم وتحكمه حسب مصالحها الخاصة، والتي هي أولًا وأخيرًا أمن وأمان إسرائيل.

أمضت شهرزاد ليلتها وهي تجمع معلومات عن هذا "التويتر"، وتبحث وتحلل المعطيات وتناقش نفسها بموضوع الخطر الداهم الذي اجتاح مكانتها الروائية لدى شهريار!

وعندما أدركت شهرزاد الصباح، استدعت مسرور السيّاف، وسألته عن موضوع هواية شهريار الجديدة.
ابتسم مسرور وقال:
-إنه هوس النت يا مولاتي، هوس السفر إلى جميع أنحاء العالم وأنتِ في مكانك، لكن لا تقلقي يا مولاتي، فأنا أسيطر على الوضع تمامًا... لقد دسست أعواني بين أصدقاء مولاي ومتابعيه على التويتر والفايسبوك كي أمسك بخيوط اللعبة.
أجابت شهرزاد بدهشة:
-أحقًا! وهل معنى ذلك أن في القصر غير شهريار من يستخدم هذا الشيء؟
أجاب مسرور بثقة:
-اطمئني يا مولاتي، أعرفهم جميعًا وأشرف على عملهم أيضًا.
صمتت برهة وسألت:
-والشعب يا مسرور... هل بدأ الشعب أيضًا يستخدم الكمبيوتر؟
أجاب مسرور وقد قطب حاجبيه:
-لن أخفيك سرًا يا مولاتي، إن الشعب فعلاً بدأ يتعلم العمل على الكمبيوتر والإنترنت... وهذا مؤشر خطير.
انتقلت عدوى القلق إلى شهرزاد فسألت:
-وما وجه الخطورة في ذلك يا مسرور؟
أجاب مسرور:
-حين يستخدم الشعب الإنترنت سوف يتابع أخبار الدنيا بأسرها، وهكذا سوف يتفتح وعيه وسيبدأ بالمطالبة بالمساواة مع بقية الدول، وسيستورد عاداتهم وتقاليدهم، وسيسمع عن ثوراتهم ومطالبهم السياسية والمعيشية.
فتحت شهرزاد كفيها وأجابت:
-مسرور... "الله لا يوفقك على هالخبرية". ولم تركت الأمر يصل إلى هذا الحد ولم تخبرني قبلاً؟
ابتسم مسرور وأجاب:
-انتظرت يا مولاتي إلى أن أجمع معلوماتي عن الموضوع وأدرس الأمر من جميع جوانبه... وقد توصلت ليلة البارحة إلى الحل وكنت أنوي أن أعرضه عليك اليوم.
فقالت شهرزاد:
-هات أتحفني بما لديك.
ابتسم وقال:
-ببساطة يا مولاتي، عليك أن تؤسسي موقعًا إخباريًا نبث منه الأخبار التي تناسب دولتنا... وموقعًا آخر اجتماعيًا ثقافيًا ترفيهيًا، كما عليك أن تفتحي صفحتي تويتر وفايسبوك... وهكذا نمسك بجميع خيوط الشبكة.
طرقت كتفه بمروحتها وقالت بابتسامة المنتصر:
-حسنًا يا مسرور، ابدأ بإجراءات إنشاء هذه المواقع... وابدأ أيضًا بتأسيس شركة لخدمات توصيل الإنترنت، كي يكون الأمر بأكمله تحت سيطرتنا.

بدأ مسرور بالتعاون مع عدد من الجواري بإعداد كل ما يلزم لتأسيس شبكة عنكبوتية متكاملة الأهداف تحت إشراف شهرزاد.
وانخرط الشعب بلعبة الإنترنت، وبدأت الصفحات الاجتماعية والإخبارية والثقافية تأخذ الكثير من أوقات الشعب والحُكام أيضًا.
وهكذا... بدأت شهرزاد تنشر حكاياتها على مدونتها الخاصة "كان ياما كان"، فيما تولّت وكالة "قيل وقال" بث الأخبار السياسية من جميع أنحاء العالم، وتسلمت الجارية زمردة موقع "فرفشة" لإرسال آلاف إيميلات الضحك والترفيه والتهريج يوميًا، أما دنيازاد شقيقة شهرزاد فقد أسست موقعًا للموضة خاصًا بجمال الجواري وزينتهن.

ألحت شهرزاد على موضوع تعيين سكرتيرة خاصة لشهريار، فقبل هذا الأخير بتعيين قمر الزمان سكرتيرة شخصية له، تشرف على غربلة ما يجب على شهريار متابعته على الشبكة، كما تتولى مراقبته عن كثب لنقل كل مستجدات حياته إلى شهرزاد أولًا بأول، خاصة فيما يتعلق بالمراسلات الخاصة التي ترده على إيميله وعلى الخاص في "التويتر والفايسبوك".

أصبح العالم قرية كونية أمام أنظار أميركا وأذنابها، مما أتاح لإدارة البيت الأبيض أن تكتشف أنه في دولة "فرفشستان" يعيش شعب على المحبة والألفة، وخاصة على الوطنية بشأن قضية فلسطين المحتلة. لذا أصدر الأسود المخبول، حاكم البيت الأبيض، أمرًا لمعاونيه يقضي بتحويل دولة "فرفشستان" إلى دولة "فرفرستان" والعمل بجميع الوسائل كي يعم الرعب في هذه الدولة ليفرّ شعبها متخليًا عن حاكمه.

فبدأت وكالة "ناسا الفضائية" بإرسال رسائل من المريخ إلى شعب "فرفشستان" تحرضه فيها على الثورة ضد شهريار النازي الذي يأخذ منهم أكبر الضرائب كي يكون لشهرزاد والجواري أفضل حياة.

نجحت مساعي البيت الأبيض، وانقلبت حياة شهريار وشهرزاد رأسًا على عقب، فالشعب ثار عليهما، وأصبح ينادي بالحرية والعدالة و... "إسقاط النظام"... وأيضًا "إسقاط المدام"! بعد أن علم أن شهريار كان يستوحي حكمه طوال هذه العقود من حكايات شهرزاد.

وقتها تدخلت وكالة الاستخبارات الأميركية وأرسلت مبعوثًا لشهريار يعرض عليه المساعدة لإخماد الثورة واستعادة الحكم. والمساعدة - كما نعلم - كانت تهديدًا مبطنًا له بأنه في حال لم يذعن لمطالبهم فسوف يحاكمونه بتهمة ارتكاب مجازر جماعية بحق النساء وبتهمة امتلاك قبيلة من الجواري، وذلك بمباركة ومساعدة جمعية حقوق الإنسان وحقوق المرأة. فيما هددوا بمحاكمة شهرزاد بتهمة نهب خزينة الدولة وزيادة الضرائب بهدف شراء أطنان من الملابس والمجوهرات.
أما ثمن السكوت عن كل ذلك، فكان أن تعمل شهرزاد على بث روح المحبة لليهود في حكاياتها.

وافق شهريار وأذعنت شهرزاد... وثار مسرور وانشق عن مولاه شهريار، وتزعم منظمة ثورية أسماها "مش مسرور وغضبان"، وكانت دنيازاد أول المنضمات لها لأنها تغار من شهرة شهرزاد.
وانقلبت الحال في دولة "فرفشستان"، وساد البغض بين الرعية، وأصبحت الحكايات أخبار المجازر والانفجارات.

... ومرت الأعوام ولون حاكم البيت الأبيض يتغير لكن السياسة واحدة... وهكذا استمر الحال على هذا الحال، وأميركا تعتبر إسرائيل طفلتها المدللة ومنبت أعوانها زارعي الموت في كل مكان... وتستمر سوسة الصهيونية العالمية تنخر في عروش الحكام.

وأدرك شهرزاد ألف ليلة وليلة... وفجر أمتها لم يشرق بعد.



 


 Image no1 rights are reserved to the owner

sohail.art.uk Image no5 rights are reserved to























القدر المجنون


مجنونٌ أنتَ
أيها القدرُ

فطالما أهديتني
أقدارًا لا تتحققُ

جعلتني أحبُّ
رجلًا مستحيلًا

وأركضُ وراء
قطاراتٍ متوقفةٍ
منذُ ألفِ عامٍ

أركبُ طائراتٍ
لا وجهةَ لها

وأسكنُ مدنًا
أجهلُ لغةَ أهلها

وأصادقُ ديكةً
تجهلُ إن
كان الصياحُ
إعلانًا عن الفجرِ
أم المغيبِ!



Image rights are reserved to the owner

ليلى والذئب في الغابةِ الإفتراضية


كان يا ما كان في سالف العصر والزمان، في غابة بعيدة،
يختبئ بين أشجارها كوخٌ متواضعٌ تعيش فيه عائلة راضية قانعة بما لديها من سماء صافية، وخضرةٍ، ومياهٍ، وسعيدة بطفلتها البريئة ليلى، المحاطة بقلبَي أبوين يعشقانها ويحميانها من أي نسمة عابرة. وقد ربياها على المحبة والسلام مع محيطها من طير وشجر وبشر. ولم يخطر لهما يومًا أن يخبراها عن بشاعاتٍ تتجوّل في الجوار، فهي طفلة بريئة، وسنواتها القليلة لن تستوعب موضوعًا شائكًا كهذا.

بلغت ليلى مراهقتها بسرعة فائقة، كجميع الفتيات الصغيرات اللواتي سرعان ما ينضجن جسديًا، في حين أن نموهن الفكري ما زال يسير الهوينى.

ويوم بلغت الخامسة عشرة، أهدتها والدتها رداءً أحمر اللون، وأرسلتها إلى آخر الغابة حيث تقطن جدتها العجوز، بعد أن حذرتها من التحدث مع الغرباء ومن الذئب المكار!

ولكن!... ولأن الذئب جائع دائمًا، فإنه لا يمكن أن يترك صبية برداء أحمر تمر بسلام. فقطع عليها الطريق وهو يسبل لها عينيه ببراءة حملٍ وديع. ضحكت ليلى بسنيِّ طفولتها البريئة، وسألته: "مَن تكون أنت يا صديقي؟" فأجابها بابتسامته الظافرة: "أنا صديقكِ الجديد!" لكنها رفضت التحدث معه لأن والدتها حذرتها من الغرباء ومن الذئب المكار. فضحك الذئب في سرِّه وقال: "ولكنني صديقكِ وسوف أحميكِ من الذئب".

وهكذا صدقته ليلى البريئة الساذجة، وأخبرته عن وجهتها إلى كوخ جدتها في آخر الغابة، كي توصل لها ما في السلة من طعام شهي.

جعلها الذئب بمكره تسلك الدرب البعيدة، وذهب هو نحو كوخ الجدة من أقرب الدروب. وحين وصلت ليلى فوجئت بالتغيرات الفظيعة على ملامح جدتها! وسرعان ما اكتشفت أنها ليست سوى الذئب المكار، الذي أكل الجدة كي يخلو له الجو ويستطيع افتراس ليلى دون إزعاج. حضر الصياد على صراخ ليلى، فقتل الذئب وأخرج الجدة من جوفه.

هكذا تعلمت ليلى درسها الأهم في الحياة، وهو ألا تأمن على نفسها في الغابة لا من حيوان ولا طير ولا شجر ولا بشر!

...وأتى حينٌ من الدهر على الغابة الخضراء الجميلة، أصبحت فيه خرابًا تحت عجلات آليات التغيير والتطوير، حيث بُنيت من أخشاب أشجارها وأحجار صخورها غابة إسمنتية، في كل زاوية منها غابة افتراضية! هناك حيث تكثر الأقنعة، ويكثر الكذب والنفاق.

ولأن ليلى الشابة الناضجة لم تنسَ بعد حادثة الذئب في الغابة القديمة، فقد قررت أن تتماهى مع الغابة الجديدة، وأن ترتدي أقنعتها الخاصة التي تجعلها تخدع الذئب هذه المرة، بكل ما وضعه الله فيها من دهاءٍ وإغواءٍ وإغراءٍ لتنتقم لشرفها ولشرف كل فتاة ذات رداءٍ أحمر، حاول الذئب يومًا أن يفترسها.

وأصبحت ليلى ذئبةً تخدع الجميع بفنون إغوائها وزخرفة أقنعتها.
وهكذا... بدأت في الغابة الافتراضية لعبة الافتراس المتبادل بينها وبين الذئب، وكان الفوز دائمًا حليف الأذكى في رواية حكاياته الرومانسية، والأسرع في نسج خيوط اللعبة، والأدهى في فن الإغواء. أما الضحية فكانت دائمًا القلوب النقية الصافية، التي ما أرادت من الغابة سوى أنبل الأهداف وأجملها.






Images rights are reserved to their owners