غريبتين وليل

   
غريبتين وليل حالك... ونجومٌ ضوؤها خافتٌ  تكاد أن لا تُرى بالعين المجردة، وفي المدى تتلألأ أنوار منازل يحوي كل منها حكاية ما... يحوي سرّ ما.

 غريبتين وبرد... والحافلة تتوغل في عتم الشتاء، وريحٌ تغافل النوافذ ليتسلل صقيعها إلى الأوجه كصفعةٍ جليدية تبث قشعريرة في الأجساد المنهكة بعد يوم عملٍ كامل، ليتكلل في نهايته برحلة شاقة من صخب المدينة إلى صمت الجبال، خلال موسم يطول أكثر مما يحتمل صبر إنسانٍ يحب دفء الشمس وصخب الحياة.

غريبتين وشتاء في موسم هجرة الطيور من صقيع الأعالي إلى دفء السواحل... وحافلة تحاول أن تقطع طريق الثلج لتصل الى بيوتٍ تحوي أسراراً، يعمل كل منا جاهداً كي لا  تتسرب من النوافذ، لأجل أن لا تخبر عنا آلاماً وأوجاعاً ونقاط ضعفٍ... وربما جنون.

غريبتين في حافلة... ومقعدٍ صغيرٍ يحويهما معاً، وقربٌ جسدي لا يوحِّد الأرواح الهائمة فوق الذكريات والحكايات.

نوال غارقة في حزنها، والهاتف يكاد أن يلتصق بأذنها لطول المكالمة، وقصة فراق عاشقين يروي الزمن تفاصيلها عبر هاتف طويل في حافلة وليل مثلج.

غريبتين وليل وحافلة... ونوال تقسم له عبر الهاتف أنها سوف تعيد له كل هداياه، وتستعطفه أن ينتظر إلى أن يأتي ليخبرا أهلها بفك وثاق الخطوبة، فالهدايا كثيرة ولا تستطيع هي أن تحملها وحدها.

غريبتين وبرد وليل... وهاتف لم تستطع نهى أن تتجنب سماعه، لشدة قربها من الغريبة الغارقة في أسودها... والهاتف.

غريبتين وليلٌ شتوي... والذكرى المؤلمة تنهمر على نهى... ذكرى حبيبٍ رحل دونما عُذر أو اعتذار.

غريبتين وليل حالك... ونهى تتعاطف مع هذه العاشقة التي تعيش الآن أقسى وأصعب آلام روحها... تتعاطف مع عاشقة تمسك الهاتف بيد، وتمسح دموعها باليد الثانية.

غريبتين وشتاء وبرد قارص في ليل حالك... ونهى لا تعلم أن الغريبة الغارقة في حزنها وهاتفها... هي نفسها غريمتها، التي تركها حبيبها لأجل أن يرتبط بها!




Image rights are reserved to the owner

No comments:

Post a Comment