صاحبة الملك

 
نبتت من حيث لا يعلم أحد، وكأنها زرعٌ شيطاني.
لم يعرف لها سكان تلك البلدة أهلاً أو عشيرة، لكنها كانت تدَّعي بأنها ابنة سلالة عريقة، لكنهم ماتوا جميعاً في حادث سيارة.

استأجرت غرفة على سطح أحد الأبنية، ومن هناك فاحت رائحة حكاياتها.
قيل أنها كانت تقف كل صباحٍ أمام المرآة، وتشتم حظها! لأن الله لم يعطها وجهاً صبوحاً كوجه غريس كيلي! ولا زوجاً كأمير موناكو! هي صاحبة أذكى عقل، وأقوى شخصية في الوجود... كما تزعم.
كانت تعمل في مستشفى حكومي متهالك، وتدَّعي أنها رئيسة الممرضات في القسم!

... مرت السنين العجاف، وأنيسة لم تستطع أن تصطاد طبيباً لتتزوجه! مسكينة... يشفق عليها الجميع بسبب غرورها وانتفاخ الأنا فيها.

قبل "العنوسة" ببرهة، أُدخِل رجلٌ إلى قسم الطوارئ، يعاني من حالة سُكرٍ شديد، ويدٌ تنزف، عولج وخرج من المستشفى، كانت في الخارج تنتظره، عرضت عليه أن توصله إلى منزله.... صحا في منزلها وهي بجانبه تبكي!...
فتزوجا...

أنجبت ابنة تشبهها في الشكل، وآجلاً ستكبر لتشبهها في المضمون.
ذات ليلةٍ تناول زوجها "فطر" ومات على الفور، فقيل إن الفطر مسموم، لكنها ادِّعت أثناء التحقيق أنها لم تكن في المنزل، وأنها لا تعرف شيئاً عن هذا الشيء الذي أكله، فأُقفل ملف القضية.
كانت تمازح ابنتها وتقول "نحن لا نطلب الطلاق، نحن نقتلهم لنرثهم"!
نسيتُ أن أخبركم، أنها ورثت منه بناء مؤلف من طابقين وأربع شقق.
سكنتْ في واحدةٍ منها، وعرضت البقية للإيجار.


كبرت نفيسة ابنة أنيسة، ففاقت أمها لؤماً وحِقداً على البشرية، خاصة بعد أن فشلت في الدراسة الجامعية، وفشلت بأن تتزوج مهندساً.
بعد ليلة مضنية من التفكير، وضعت نفيسة خطةً لتواجه بها المستقبل.


كانت تعرض المنزل للإيجار، تتقاضى "سلفاً" مبالغ طائلة... ثم...
الشيطان وحده يعلم من أين تستوحي أفكارها الجهنمية "لتطفيش" السكان الجدد. وكلها أمورٌ "غير منظورة" بنظر القانون. كرمي النفايات على شرفات المستأجر، قطع المياه عن الخزانات، وضع جبال من الرمال أو الحجارة في مدخل منزله... و... و...
فلا يجد المستأجر بعد أن ينفذ صبره، في ظل غياب القانون، إلا أن يترك المنزل... ويخسر ما دفع من مبالغ طائلة.
أما حجتها الدامغة التي كانت "تعوي" بها في وجه أي مستأجر يحاول أن يضع حداً لها ولأفعالها الشنيعة فكانت: أنا صاحبة الملك، ولي كامل الحرية في أملاكي.

 

 

 Images rights are reserved to their owners

 

 

No comments:

Post a Comment