بسيمة... ونسيمة


بسيمة... ونسيمة.
جارتاي العزيزتان، كم حرتُ في أمرهما. فهل تكرهان بعضهما البعض!؟ أم أن ما جمعهما أكبر بكثير من أي حبٍ يمكن أن يجمع قريبتان عاشتا نفس الظروف؟ وتذوقتا نفس كأس العذابٍ؟
كلاهما لا أهل لها ولا زوج.
 بسيمة ذات لسانٍ لاذع، ترى النكتة في الحزن، تنتقد الآخرين بسخرية لاذعة، ولا تتوانى عن وصف نسيمة ابنة عمها وشريكتها في السكن بأبشع الألفاظ، فتخرج الأخيرة عن طورها، وتغضب وتتمنى لها أن تموت لترتاح من لسانها السليط! فترد
نسيمة: والله لإترجا إبليس يرجعني لعندك لنكد عيشتك.
فترد نسيمة: بيكفي تذكريه انكم أحباب وأصحاب.

وهكذا تمضي الأيام، يعلو صراخهما، فنعرف أن بسيمة تناكف نسيمة وتتعاركان بالكلام اللاذع من جديد.

في بدايات الشتاء الفائت، استفقنا ذات ليلةٍ على عويل يصدر من ناحية منزل المرأتين المسنتين، ذهبنا ركضاً وطرقنا الباب، فتحت نسيمة وهي تولول وتقول: دخليكن الحقوني... بسيمة ماتت...
أكد الطبيب أن السبب هو الجوع! فبسيمة لم تأكل منذ يومين لأنها تريد أن تكتب كتاباً مثل كتاب "النبي" لـ جبران خليل جبران.
تستفيق بسيمة وتؤكد لنسيمة أنها بخير وتقول لها: ما تخافي ما رح موت هلق... بعد بكير لترتاحي مني.
تشتمها نسيمة وتقول: الله لا يردك... يا ريتك متِّي... شو اللي خلاكِ تنقبري ما تاكلي؟ ما تكوني مفكرة حالك نبي متل جبران يا هبلة!
تضحك بسيمة وتقول: جبران مش نبي... جبران ألَّف كتاب اسمه النبي.
فتقول نسيمة: السلام على اسمك واسمه... يخرب بيتك بعد بدك شي يوم تموتي تحت الكتب.
فتسألها بسيمة بدلال: بتزعلي عليي إذا متت... ما هيك.
فتقول نسيمة بحدة: لا ما بزعل... الله لا يردك.
فترد بسيمة: ما هلق كنتِ عم تولولي لأني متت.
فترد نسيمة: هيدي تمثيلية حتى يجو الناس وياخدوكِ من وجي.

وتستمر الحياة... بين كر وفر. نسيمة تمرض فتبكي بسيمة. بسيمة تتعرض لحادثة ما فتولول نسيمة. ونحن حائرون ولا نعرف وصفاً لما يجري بينهما.

ذات يوم خرجت نسيمة للتسوق، فدهستها سيارة ونقلتْ إلى المستشفى. ذهبت بسيمة إلى المستشفى وهي تشهق بالبكاء، وتقول: يا دلي عليكِ يا نسيمة والله ما بستاهلي يا حبيتي اللى صار فيكِ.
ضحكنا كثيراً رغم مأساوية الحدث، إنهما تحبان بعضهما جداً وأن ما يجمعهما أكبر من أي كلام حب يمكن أن يقال.
قال الطبيب أن نسيمة ستبقى طريحة الفراش إلى أن تُجبَر كسور حوضها.
بكت نسيمة وهي تقول: يا ويلي عليي وعلى حظي... شو بدي أعمل بحالي هلق؟
فترد بسيمة: ولا يهمك يا حبيبتي المهم انك بخير وأنا رح شيلك بعيوني يا عيوني.

ونغادر المستشفى تاركين بسيمة ونسيمة في أفضل حال، تضحكان وتخففان عبء الحزن عن بعضهما.







Image NO 1 rights are reserved to the owner

  Image NO 2 rights are reserved to Inge Löök



 

























No comments:

Post a Comment