يا أخي، الشعرُ حِرفة... والإبداعُ موهبة... ماذا تعتقد أنت؟
كانت هذه جملة "غريب" المعتادة، أو شعاره الذي يرفعه في وجه كلِّ مَن يحاول أن يجادله في الشعر والأدب.
و"غريب"... كان فعلاً غريبًا! فهو غريب الأطوار، غريب الهيئة، غريب المزاج. يعتقد أنه سابقٌ لعصره، وأنه موجود في المكان الخطأ. يتصرف على أنه شاعرٌ ذائع الصيت... أجل! فهو مصاب بجنون العظمة، ويصدق أنه سيصبح يومًا ما شاعرًا بمستوى إيليا أبو ماضي.
لم يتخرج في أي جامعة، ولا يعرف الفرق بين "بحر الوافر" والبحر المتوسط؛ فكلاهما بالنسبة له لا ضرورة لهما لكتابة القصيدة، فهو يكتب انطلاقًا من بحر أحاسيسه، ووحدها لغته الشعرية لها وزنها وقافيتها الخاصتان.
منذ أن تعرفتُ إليه، أي منذ خمسة أعوام، وهو يكتب قصيدته الوحيدة "تكلّم"... وما زال قلمه مصابًا بالخرس!
كتب حتى الآن آلاف الجمل، لكنها مجرد آراء وأفكار ووجهات نظر، ولا جملة منها تمتُّ إلى الشعر بصلة. أما هو فيعتبرها جميعها مشاريع قصائد... سيكتبها عندما يجد إلهامه... وإلهامه ولدٌ عاقٌّ، لم يعرف له سبيلاً حتى اليوم!
كلما قال له أحد معارفه "يجب أن تبدأ يا غريب بالكتابة الحقيقية، فالعمر على وشك الانتهاء...".
انتفخت أوداجه، واحمرَّ وجهه، وتشدّق قائلاً "لم يحن الوقت بعد، فما زلت أعمل على إيجاد لغتي الخاصة وإلهامي... يا أخي، الشعرُ حِرفة... والإبداعُ موهبة... ماذا تعتقد أنت؟"
Image rights are reserved to the owner