كنتَ جالسًا تحت المطر على مقعدٍ عتيقٍ في حديقة الخذلان، تحاول الاغتسال من دنس عشق امرأةٍ مهووسةٍ بالهجر،انتهكت طفولتك ذات اشتعال رغبة، حين نقلتك بلياليها الحمراء من طفلٍ بالكاد بدأت مراهقته إلى رجلٍ ناضجٍ صدئت مشاعره. وحين بنت خرابها في روحكَ، اختفت كما تختفي جنية.
وأنا...
كنتُ هناك، على أمل أن ألتقط بردًا يشفيني من الحنين، لفحة "هوى" تأخذني من يُتمٍ مستديمٍ وتضعني كعصفورٍ جريح تحت جناح حبيبٍ يقيني برد الوحدة.
ذات مطرٍ، هناك التَقينا... فعشقتكَ وعشقتُ المطر.
ذات لقاءٍ تحت المطر، وبعد أن تغلغلت قطرات حبك في مساماتي، قلتَ لي "احملي براءتكِ الجميلة وارحلي من حياة رجلٍ مثلي مدنسٍ بالخطايا والآثام... فمن كان له ماضي الأسود لا يحق له أن يطمع بمعاشرة الملائكة".
فأجبتكَ "لا تحزن على ما فات... فما رحل من أعمارنا سوى الألم، وما خسرنا سوى قلوبٍ أقسى من الصوان، ما دقت يومًا مع إيقاع قلوبنا. فانفض الحزن من عينيك ورافقني إلى مدينة الطهر ليعمِّدكَ الزمان هناك أمير التائبين".
قلتَ "بياضك يزيد روحي عتمًا وظلامًا".
فقلتُ "دع بياضي ينير صباحات أعمارنا، وهات من عتمكَ قبسَ ظلامٍ ليستكين ليلنا في حضن الأمان".
ذات مطرٍ نظرتَ في وجهي وقلتَ "فيك من الطهر ما يكفي لغسل دناسة مدينةٍ بأكملها".
فأجبتكَ "نحن الأيتام يعطينا الله من براءة ملائكته ما يقينا ظلم الأيام وقساوة الزمان... نحن أيتام الحياة والحب، نولد بقدرة هائلة على العطاء، لننقلها إلى قلوبٍ نحن أحوج ما نكون إليها في شتاءات الوحدة والصقيع".
فقلتَ بابتسامتك الساحرة "ومن يستطيع أن يقاوم يتماً جميلاً كهذا؟"
قلتُ بمرارة "يقاومه كل جبارٍ ما عرف ما معنى أن يبيع طفلٌ قطع الحلوى بدل أن يلتهمها أمام مدفأة".
نظرتَ إليَّ مذهولًا... فأكملتُ قائلة "أنت عرفت قلبِي ودخلته دون استئذان لأنك مثلي اختبرت برد يتم المشاعر".
ذات مطرٍ... تعاهدنا على لملمة انكساراتنا وشظايا أعمارنا المتناثرة.
ذات مطرٍ... التقينا... عشقتني... عشقتك...
فرتَّل المطر... أنشودة صلاة.
Images rights are reserved to their
owners