من شابَهَ أباهُ


منذ أسبوع وأنا أترقبه في ذلك المقهى الذي يجتمع فيه كتّاب ومثقفو البلد، حيث تتلاقى الأفكار وتتشابك الحكايات.
وأخيرًا ظهر، حاملاً حقيبته على كتفه، أخذها منه النادل برفق ووضعها على الطاولة، ثم ساعده في ترتيب اللابتوب أمامه، كأنه يستعد لخوض معركة جديدة مع الكلمات.

قبل أن يغوص في عالم كتاباته، اقتحمتُ جلسته دون استئذان، وقدمت له نفسي وأنا أجلس بثقة، رغم أنني لم أُدعَ.
أخفى لعناته على جرأتي بابتسامة باردة، كأنها درع يحميه من أي تهديد.
بدأت حديثي، أشرح له حالتي المضطربة، ذلك الموضوع الحساس، الشائك، الحميم والمخجل في آنٍ واحد. لم يكن أمامي خيار سوى مواجهة الموقف، وشرح ما في قلبي له تحديدًا، فهو الوحيد القادر على مساعدتي.
حين بدأت أتحدث عن الحب، ارتسمت على وجهه ابتسامة غرور ذئب التهم مئات القطعان... قاطعني، شارحًا لي أن ما أظنه حبًا ليس إلا انبهارًا بشخص شهير مثله. قال لي، وبصوت أشبه بالتهكم، إنني، مثل كل الصبايا، وقعت في حب رواياته!
اعترف لي بتواضع زائف أن هذه الحالة شائعة بين المشاهير، لكنه لن يستغلها معي، لأنني صغيرة السن جدًا، وهو يملك مبادئ وأخلاقًا!
قالها وكأنها وصية مقدسة، لا يمكنه أن يستغل مشاعر شابة مثلي!
لا أعلم لماذا! لكنني شعرت حينها أنه يحاول استدراجي لأؤكد له أن لا مانع لدي.
في النهاية، تمنى لي أن أجد شابًا من عمري يشاركني اهتماماتي وحياتي!


تجاوزت صدمتي وابتسمت، كما تبتسم الشمس بعد طول غياب...
فأنا لم أكن مغرمة به، بل قصدته طلبًا للمساعدة في أمر يتعلق بابنه...
كنت على وشك أن أخبره عن دناءة ذلك الابن، كيف استغل براءتي، اغتال عذريتي، ثم أدار ظهره لي، ناكرًا كل شيء جملة وتفصيلًا.

غادرت المكان، وأنا أطلق اللعنات على ذاك العجوز المتصابي، وعلى وريث دناءته، وأنا أعلم أن الألم الذي في قلبي لن يزول بسهولة.









Image rights are reserved to the owner